العقد المفصل (صفحة 122)

من كلّ معصوم البصيرة لم يزل ... منه الرداء على التقى معقودا

يا من تعذّر أن يحيط بوصفهم ... نظمٌ ولو ملأ الزمان قصيدا

والجامعين المكرمات بوفرهم ... مذ أكثروا في شمله التبديدا

ولهم بأندية العلاؤء إذا بدوا ... تهوي الأعاظم ركّعاً وسجودا

أهدت لجيد علاكم ابنة فكرتي ... درر الثناء قلائداً وعقودا

جليت محاسنها عليكم فاجتلوا ... منها لمجدكم كعاباً رودا

هي نشرة تضفو على أحسابكم ... زغف خلفت بنسجها داودا

قد خلّدت لكم الثناء وسؤلها ... أنّ الثناء لكم يدوم خلودا

فبقيتم في غبطة من ربّكم ... لكن بقاء لم يكن محدودا

قولي: هي نثرة، البيت وقعت فيه التورية لأنّ المعنى الظاهر من هذا اللفظ أنّي خلّفت بنسجها داود نبي الله من حيث أنّه كان ينسج الدروع، وأنا أُريد أنّي خلّفت جدّي السيّد داود بن السيّد سليمان بنسج زغف بدايع الشعر. وقد نظم عمّي المهدي قصيدة داليّة في الماجد الصالح وجارى بها قصيدة قالها الشريف أبو أحمد السيّد صالح القزويني فيه، ولها قصّة ذكرها عمّي في كتابه مصباح الأدب الأزهر، فسمطت قصيدة عمّي المشار إليه وقدّمت قبل التسميط هذه الفقرات: بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على أشرف أنبيائه محمّد وآله الطاهرين، وبعد؛ فيقول الراجي عفو ربّه الغني حيدر بن سليمان الحسيني: إنّي لمّا جارى عمّنا وسيّدنا المهدي السيّد صالح القزويني في قصيدة مدح بها زعيم الفضلاء الجحاجح الحاج محمّد صالح أحببت أن أشطر قصيدة سيّدنا السيّد مهدي كما شطر قصيدة السيّد صالح المذكور الشيخ إبراهيم صادق العاملي، فوجدتها في دقائق معانيها وسلاسة ألفاظها وقوافيها فوق ما قلته فيها:

ومعربة عن فضل من صاغ لفظا ... وأودع فيها من بدايعه اللحنا

بديعة حسن لو سواه يرومها ... لكان التقاط الشهب من نيلها أدنى

تودّ قلوب السامعين لو أنّها ... إذا أنشدت في محفل كانت الأُذنا

فما هي إلاّ وردة مااتّفقت ... كمائم حسن الشعر عن مثلها حسنا

ولا ولدت أُمُّ القريض نظيرها ... ولا فتحت يوماً على مثلها جفنا

فما روضة غنّاء راقت بزهرها ... وما برحت أزهارها ترضع المزنا

بألطف من مدح بها لمحمّد ... وإنّي وفيه فاقت الروضة الغنّا

مسدّدة الأقوال يمسي معيبها ... لخجلته بين الورى يقرع السنّا

يودُّ إذا ما أنشدوها بمحفل ... له منشىء الأجساد ما خلق الأُذنا

ولو رزق الله السكوت معيبها ... لكان له من نطق مذوده أهنى

فوا رحمتاه لحاسدها إذا تليت في نادي ذي القدر العلى، فما أراه إلاّ كما قال مهيار الديلمي:

يظهر منها السرور حاسدها ... ضرورة الحقّ وهو مكتئب

يطريه البيت وهو يحزنه ... ومن أنين الحمامة الطرب

وإنّها وحرمة الفصاحة في طولها وأعجازها وأحكام صدورها بأعجازها لمستحيلة التشطير على البارع في الفهم، الماهر في النظم، ولذلك عدلت عن تشطير إلى تخميسها فوجدته أيضاً في غاية الصعوبة لتجنيس كلماتها، وارتباط كلّ بيت بما بعده من أبياتها، كقوله فيها:

أُناس يرى في الكرخ من فيه طوّحت ... إليهم بنات الشدقميّات من بعد

جدباً على دارالسلام بيوتهم ... لكعبة جدواهم لمن أمّها تهدي

وكقوله منها:

تراه ولو قد كان يخفض نفسه ... لآمله عطفا ويبسم للوفد

ثبيراً على جنب الوثير قد اتّكى ... ودون لقاه هيبة الأسد الورد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015