وهذا المقام مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون, ويعتني بشأنه الناصحون, ويرغب في تحصيل أجره الراغبون, {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ} (العنكبوت:43) .
والمدار في العمال الإخلاص والاحتساب, فعليهما يترتب القبول والثواب.
وقد آن لجواهر عقد هذه اللآلىء, أن تنتظم فرايدها في سلك الكمال, وحان لها أن ترتسم غررا في صفحات محيا الوجود, وتلتئم دررا يفوق نظامها العقود, وأذنت شموس بيانها أن تطلع غربا وشرقا, فتصبح نفوس أعدائها بكؤوس المر شرقا, مع أنها لم تغص عليها قريحة لها في الفهم طول باع, ولا في العلم تبحر وجودة وسعة اطلاع, بل فهم كليل, وذهن عليل, ومسحة من علم قليل, ولكن إذا ساعدت الأقدار, رفعت الأغمار من الحضيض إلى اليفاع, وسهلت لمعارج المصاعد إلى رقي مدارج المقاصد, ويسرت أسباب المطالب, وأنجحت الأماني والرغائب, فزالت من المرء وصمة الاتضاع, وأرجو أن تكون إلى الصراط المستقيم داعية, وأن تعيها من الناس أذن واعية, ولهدم شبه المبطلين ساعية, فلا يكون لها إن شاء الله بعد هذه ارتفاع, وأن تكون في وجه أهل الضلال وسوما, ولشياطين المشركين رجوما, ولهداة المسلمين نجوما, وان يعم النفع بها والانتفاع, واسأل من يسرها منه بالمعونة, أن يجعلها عن شوب الرياء مصونة, وأن يصيرها بالقبول مقرونة, وأن يحقق رجائي فيه يوم اشتداد الإفزاع, وأن يمن علي في الحياة باقتفاء سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه والاتباع, وأن