فقدر الله تعالى بالرحلة الثانية، من مكة للديار المصرية والشامية.

فنظرت فيما وقع لى من التواريخ، والطبقات، والمعاجم، والمشيخات، والوفيات، والتعاليق، التى سنشير إليها، وغير ذلك من الكتب التى سنشير إليها قريبا.

فظفرت ببعض المراد، وعلق ذلك بذهنى، وقيدته ـ خيفة نسيانه ـ بالكتابة إذ هى قيد، لما رويناه عن أبى حمزة أنس بن مالك الأنصارى رضى الله عنه، خادم النبىصلى الله عليه وسلم، وذلك:

فيما أخبرنى به: شيخنا العلامة المفتى المصنف، أبو حفص عمر بن الإمام أبى الحسن على بن أحمد بن محمد الأنصارى، الأندلسى، ثم المصرى الشافعى ـ بقراءتى عليه بالقاهرة فى الرحلة الأولى ـ وآخرون بمكة، وديار مصر والشام، قالوا:

أخبرنا أحمد بن على بن أيوب المشتولى. قال: أخبرنا النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم الحرانى، قال: أخبرنا أبو طاهر المبارك بن المبارك بن المعطوش الحريمى، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن المهتدى بالله، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر أحمد الحنبلى، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم البزار، قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكج، قال: أخبرنا القاضى أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصارى، قال: حدثنى أبى عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس: أن أنسا رضى الله عنه كان يقول لهم: «يا بنى، قيدوا العلم، بالكتاب».

وكنت كتبت ما تيسر من ذلك، من غير ترتيب ولا تهذيب، ثم رغبت فى ترتيبه وتهذيبه، ليسهل نفعى به، ويكون تاريخا على النمط الذى قصدته، وإن لم يف بما أردته.

فرتبت ما ظفرت به من التراجم، على ترتيب حروف المعجم ـ خلا المحمدين والأحمدين ـ فإنهم مقدمون على غيرهم، لشرف هذين الاسمين على غيرهما من الأسماء.

وأضفت إلى هذه التراجم: ما كان منها على ذهنى من قبل. وهى تراجم جماعة لم أدركهم، وتراجم جماعة أدركتهم، ملاءمة للتراجم التى ظفرت بها، تكملة للفائدة.

وذكرت فى أثناء كثير من التراجم: أحاديث، وآثارا، وحكايات، وأشعار، اقتداء بأئمة الحديث الأخيار.

وبدأت ـ قبل التراجم ـ بذكر شيء من سيرة نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، على وجه الاختصار، تبركا بذلك، وتشريفا لهذا التأليف بذكرهصلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015