إنهم يشنون على المسلمين هذه الحرب المشبوبة لأنهم - قبل كل شيء - مسلمون ولا يمكن أن يطفئوا هذه الحرب المشبوبة إلا أن يردوا المسلمين عن دينهم فيصبحوا غير مسلمين .. ذلك أن أهل الكتاب أكثرهم فاسقون ومن ثم لا يحبون المستقيمين الملتزمين من المسلمين! واللّه - سبحانه - يقرر هذه الحقيقة في صورة قاطعة، وهو يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في السورة الأخرى: «وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ» .. ويقول له في هذه السورة أن يواجه أهل الكتاب بحقيقة بواعثهم وركيزة موقفهم: «قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ؟» ..

وهذه الحقيقة التي يقررها اللّه سبحانه في مواضع كثيرة من كلامه الصادق المبين، هي التي يريد تمييعها وتلبيسها وتغطيتها وإنكارها اليوم كثيرون من أهل الكتاب، وكثيرون ممن يسمون أنفسهم «مسلمين» .. باسم تعاون «المتدينين» في وجه المادية والإلحاد كما يقولون! أهل الكتاب يريدون اليوم تمييع هذه الحقيقة بل طمسها وتغطيتها، لأنهم يريدون خداع سكان الوطن الإسلامي - أو الذي كان إسلاميا بتعبير أصح - وتخدير الوعي الذي كان قد بثه فيهم الإسلام بمنهجه الرباني القويم. ذلك أنه حين كان هذا الوعي سليما لم يستطع الاستعمار الصليبي أن يقف للمد الإسلامي، فضلا على أن يستعمر الوطن الإسلامي .. ولم يكن بد لهؤلاء - بعد فشلهم في الحروب الصليبية السافرة، وفي حرب التبشير السافرة كذلك - أن يسلكوا طريق الخداع والتخدير، فيتظاهروا ويشيعوا بين ورثة المسلمين، أن قضية الدين والحرب الدينية قد انتهت! وأنها كانت مجرد فترة تاريخية مظلمة عاشتها الأمم جميعا! ثم تنور العالم و «تقدم» فلم يعد من الجائز ولا اللائق ولا المستساغ أن يقوم الصراع على أساس العقيدة .. وإنما الصراع اليوم على المادة! على الموارد والأسواق والاستغلالات فحسب! وإذن فما يجوز للمسلمين - أو ورثة المسلمين - أن يفكروا في الدين ولا في صراع الدين! وحين يطمئن أهل الكتاب - وهم الذين يستعمرون أوطان المسلمين - إلى استنامة هؤلاء لهذا التخدير وحين تتميع القضية في ضمائرهم فإن المستعمرين يأمنون غضبة المسلمين للّه وللعقيدة .. الغضبة التي لم يقفوا لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015