في سبيل اللّه، لتقرير ألوهية اللّه سبحانه - في الأرض وفي حياة الناس وتحطيم ألوهية العبيد المدعاة ومطاردة هؤلاء المعتدين على ألوهية اللّه - سبحانه - وحاكميته وسلطانه حتى يفيئوا إلى حاكمية اللّه وحده وعندئذ يكون الدين كله للّه. حتى إذا أصابهم الموت في هذا الجهاد كان لهم في الشهادة حياة.

ذلك مجمل ما يدعوهم إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو دعوة إلى الحياة بكل معاني الحياة.

إن هذا الدين منهج حياة كاملة، لا مجرد عقيدة مستسرة. منهج واقعي تنمو الحياة في ظله وتترقى. ومن ثم هو دعوة إلى الحياة في كل صورها وأشكالها .. وفي كل مجالاتها ودلالاتها. والتعبير القرآني يجمل هذا كله في كلمات قليلة موحية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ» .. استجيبوا له طائعين مختارين وإن كان اللّه - سبحانه - قادرا على قهركم على الهدى لو أراد: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» .. ويا لها من صورة رهيبة مخيفة للقدرة القاهرة اللطيفة .. «يحول بين المرء وقلبه» فيفصل بينه وبين قلبه ويستحوذ على هذا القلب ويحتجزه، ويصرفه كيف شاء، ويقلبه كما يريد. وصاحبه لا يملك منه شيئا وهو قلبه الذي بين جنبيه! إنها صورة رهيبة حقا يتمثلها القلب في النص القرآني، ولكن التعبير البشري يعجز عن تصوير إيقاعها في هذا القلب، ووصف هذا الإيقاع في العصب والحس! إنها صورة تستوجب اليقظة الدائمة، والحذر الدائم، والاحتياط الدائم. اليقظة لخلجات القلب وخفقاته ولفتاته والحذر من كل هاجسة فيه وكل ميل مخافة أن يكون انزلاقا والاحتياط الدائم للمزالق والهواتف والهواجس. والتعلق الدائم باللّه سبحانه مخافة أن يقلب هذا القلب في سهوة من سهواته، أو غفلة من غفلاته، أو دفعة من دفعاته ..

ولقد كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو رسول اللّه المعصوم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:" يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقَالَ لَهُ أَهْلُهُ أَوْ أَصْحَابِهِ: أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ قَالَ: إِنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا " (?) ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015