كتاب الأيمان

كِتَابُ الأَيْمَانَ، وَفِيهِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ

البَابُ الأَوَّلُ فِي نَفْسِ اليَمِينِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْقِيقِ مَا يَحْتَمِلُ المُخَالَفَةَ بِذِكْرِ اسْمِ اللهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ مَاضِياً كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلاً إلاَّ فِي مَعْرِضِ اللَّغْوِ وَالمُنَاشدَةِ فَيجِبُ الكَفَّارَةُ فِي اليَمِينِ الغَمُوسِ وَإِنْ كَانَ الفِعْلُ مَاضِيًا، وَلاَ يَجِبُ فِي اللَّغْوِ وَهُوَ قَوْلُ العَرَبِ لاَ وَاللهِ وَبَلَى وَاللهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَحْقِيقٍ، وَلاَ يَجِبُ بِالْمُنَاشَدَةِ وَهُوَ أَنْ يُقْسِمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجِبُ إِذَا قَالَ عَقِيبَهُ: إنْ شَاءَ اللهُ.

قَالَ الرَّافِعِي: الأصل في الأيمان آياتُ الكِتاب؛ كقوله تعالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] وقولِهِ تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] وقوله {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] والسنةُ؛ كما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "واللهِ، لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" (?) وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان كَثِيرًا ما يَحْلِفُ، فيقول: "لاَ وَمُقلِّب الْقُلُوبِ" (?) ورُوِي أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اجتهد في يمينه قال "وَالَّذِي نَفْسُ أَبي الْقَاسِمِ بِيَدْهِ، أَوْ نَفْسُ مُحَمَّدٍ" (?) والإجماعُ؛ فإن الأَمَّةَ مطبقةٌ على انعقاد اليمين، وتعلُّق الكفَّارة بالحنث فيها, ولما كانت دلالة الكتاب والسنةِ والإِجماعِ متعاضدةً على أن لليمين انعقادًا، وأن لها، إذا انعقدت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015