بسم الله الرحمن الرحيم

القول في اجتماع الأولياء

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّامِنُ فِي تَزَاحُم الأَوْلِيَاءِ) فَإذَا أجْتَمَعَ إِخْوَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّزْوِيجِ منْ كُفْءٍ بِرِضَاهَا لَكِنَّ الأَوْلَى التَّفْوِيضُ إِلَى الأَسَنِّ وَالأَفْضَل، وَإنْ نَزَاحَمُوا أَقْرعَ بَيْنَهُمْ، فَإنْ بَادَرَ مَنْ لَمْ تَخرُجْ قُرْعَتُهُ انْعَقَدَ.

قال الرَّافعيُّ: إذا اجتمع لِلْمَرْأَةِ أولياء في درجة واحدة كالإِخوة وَبَنِيْهِم والأعمام وبنيهم، فَألأَوْلَى أن يزوجها أشبههم وأفضلهم بالفقه أو بالورع برضا الآخرين، أَمَّا تقديم الأَسَنَّ فلزيادة تَجْرِبَتِهِ، وَأَمَّا الأورع فإنه أشفق وأحرص على طلب الْحَظِّ، وأما الأفقه فإنه أعلم بشَرَائِطِ النِّكاح، وأما رِعَايَهِ رضا الآخرين فلتجتمع لآراء، ولا يتأذَّى بعضهم باستثار البعض.

وإذا تعارضت هذه الخِصَالِ، فيقدم الأَفْقَهُ، ثُمَّ الأَوْرَعَ، ثم الأَسَنَّ، ولو زوج منهم غير الأسن والأفضل برضا الْمَرْأَةِ من كفء صح، ولا اعتراض للباقين، وليست هذه الولاية كولاية القِصَاصِ حيث يشترط اتفاق الأولياء على الاستيفاء؛ لأَنَّ القِصَاصَ مبني على الدرء والإِسقاط، والنَّكَاحُ مَبْنِيٌّ على الإِثبات والإِلزام، ولهذا لو عضل واحدِ من الأولياء زوج الآخرون، ولو عفا واحد عن القِصَاصِ سقط حَقُّ الكل، ولو أنهم اشتجروا وأراد كل واحد منهم أن يزوج نظر إن تعدد الخاطب، فالتزويج ممن ترضاه المرأة، فإن رضيتهما جميعاً نَظَرَ الْقَاضِيُ في الأصلح وأمر بالتزويج منه .. ذكره "صَاحِبُ التَّهْذِيبِ" وغيره.

وإن اتحد الخاطب، وتزاحموا على العَقْدِ أُقْرعَ بينهم، فمن خرجت قُرْعَتُهُ زوجها، وإن بادر غيره وزوجها.

فوجهان:

أحدهما: أنه لا يصح النِّكَاحُ ليظهر فائدة القرعة، وهذا الوجه يختص بما إذا أخرجوا القرعة من غير ارتفاع إلى مجلس الحكم، أم يختص [بقرعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015