واللَّفْظَةُ فيما ذكرَ الأزْهَرِيُّ (?) مشتقةٌ من قولِهِم وصيت الشيء أصيه ايصاء إذا وصلته به وأوصى وَاصِيَةً، أيْ: مُتصلة البنات، فَسُمِّيَ هذا التصرُّفُ وصيَّةً لِمَا فِيهِ من وصلِ القُرْبةِ الواقعةِ بَعْدَ الموتِ بالقُرُبَات المُنَجَّزَةِ في الحياةِ، ودَلاَلاَتُ الإِجْمَاعِ والكتابِ والسُّنَّةِ مُتَعَاضِدة عَلَى جَوَازِ الوَصِيَةِ؛ قال الله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء- 12] وعن أبي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ المَدِينةَ، فَسَأَلَ عَنِ البَرَاءِ بْنِ مَعْرَورٍ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ هَلَكَ، وأَوْصَى لَكَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَبَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى وَرَثَتِهِ (?).

وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أبي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَرِضْتُ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمَكَّةَ فجاءني رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعُوْدُنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَلَغَ بِيَ مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي، أَفَأَتَصَدَّقُ؟

وَيُرْوَى: "أَفَاُوصِي بثُلْثَيْ مَالِي؟ فَقَالَ: لاَ، فَقُلْتُ: فَبِشَطْرِهِ؟ قَالَ: لاَ، قُلْتُ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كثِيرٌ" وُيرْوَىَ: "كَبيرُ؛ إنَّكَ أنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ" (?).

وعن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَال: "إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أمْوَالِكُمْ في آخِرِ أَعْمَارِكُمْ؛ زِيادَةً في أَعْمَالِكُمْ" (?) قَالَ العُلَمَاءُ: وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ وَاجِبَةً في ابْتِدَاءِ الإِسْلاَمِ؛ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيهِ قَوْلهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ...} [البقرة- 180] الآيَةَ، ثُمَّ نُسِخَ الوُجُوبُ، وَبَقِيَ الاِسْتِحْبَابُ.

وَاحتَجُّوا عَلَى نَفْيِ اَلوُجُوبِ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015