كِتابُ المُسَاقَاةِ، وَفِيهِ بَابَانِ

البَابُ الأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا

قال الغزالي: وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الأَوَّلُ: مُتَعَلَّقُ العَقْدِ وَهُو الأشْجَارُ إِذْ عَلَيْهَا يُسْتَعْمَلُ العَامِلُ بِجُزْء مِنَ الثِّمَارِ كَمَا يُسْتَعْمَلُ عَامِلُ القِرَاضِ، إِلاَّ أَنَّ المُسَاقَاةَ لاَزِمَةٌ مُؤَقَّتَةُ يَسْتَحِقُّ (و) الثِّمَارَ فِيَها بِمُجِرَّدِ الظُّهُوِرِ بِخِلاَفِ القِرَاضِ، وَأَصْلُهَا مَا رُوِىَ أَنَّهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ سَاقَىَ أهل خَيَبر علَى النِّصْفِ مِنَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ.

قال الرافعي: صورة المُسَاقاة أن يعامل إنساناً على نخلة ليتعهَّدها بالسَّقْى والتربية، على أن ما رزق الله -تعالى- من ثمرة تكون بينهما (?).

ولفظ المساقاة مأخوذ من السَقْي؛ لأن أنفع الأعمال وأكثرها مؤنة أو تبعاً السقى خاصة "بالحجاز"؛ لأن أهلها يسقون من الآبار، والمعتمد في جوازها أن ابن عمر -رضي الله عنه- روى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (عَامَل أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) (?). ومن جهة المعنى أن مالك الأشجار قد لا يحسن تعهدها، ولا يتفرغ له، ومن يحسن ويتفرغ قد لا يملك الأشجار، فيحتاج ذلك الاستعمال، وهذا إلى العمل، ولو تعاقدا عقد الإجارة للزم المالك غرم الأجرة في الحال، وربما لا يحصل له من الأشجار شيء، ويتهاون العامل، فلم يبذل المجهود في تعهدها؛ لأنه لا يتحصل من فوائدها على شيء، فدعت الحاجة إلى تجويز هذا العقد، وبه قال مالك وأحمد، وخالف فيه أَبُو حَنِيْفَةَ وقد يقيس الأصحاب المساقاة على القراض في الحجاج معه.

ومسائل الكتاب مذكورة في بابين.

أحدهما: في أركان العقد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015