بِصَوْمِ رَمَضَانَ، إلا أن معظم الكلام المذكور في نَظَرِي الركن، والشرط لا اختصاص له بصومَ رمضان، وكان الأحسن في الترتيب أن يبين صفة الصَّوْم مُطْلَقاً ثم يذكر رُكْنَيهِ وَشُرُوطَهُ ثم يتكلم فيما يخص كل واحد من نوعي الفرض والنفل.

وفقه الفصل: أن صوم رمضان يجب بأحد أمرين:

إما استكمال شعبان ثلاثين، أو رؤية الهلال؛ لما روى عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان فقال: "لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ" (?).

أما استكمال شُعْبَان فظاهر.

وأما رؤية الهِلاَل فالنَّاسُ ضربان: من رأى الهلالَ فيلزمه الصَّوْمُ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ" (?) ومن لم يَرَهُ فِيمَ تَثْبُتُ الرُّؤْيَةُ فِي حَقِّه؟ إن شهد عَدْلاَنِ تثبت، وإن شهد واحد فقولان:

أحدهما -وبه قال مَالِك وهو رواية البويطي-: أنها لا تثبت؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا شَعْبَانَ ثَلاَثِيْنَ يَومًا إِلاَّ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ" (?) ولأنه لا يحكم في هلال شَوَّال إلاَّ بقول عَدْلَيْن فكذلك في هِلاَلِ رَمَضَان. وأصحهما -وهو الذي نَصَّ عليه في أكثر كتبه، وبه قال أحمد في الرواية الصحيحة عنه-: أنها تَثْبُت؛ لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن أعرابياً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنِّي رَأَيْتُ الْهِلاَلَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أن مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأذِّن فِي النَّاسِ يَا بلاَلُ فَلْيَصُومُوا غَداً" (?). وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلاَلَ، فأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَام" (?). والمعنى فيه الاحتياط لأمر الصّومِ، قال عَلِي -رضي الله عنه-: "لأن أصومَ يَوْماً مِنْ شَعْبَانَ أَحَبَّ إِلَّيَ مِنْ أن أفطر يوماً مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015