فى قوله تتلاحظ المعانى ويتجاوب النظم من الدلالة على أن آيات كلّ سورة إنَّما يكون بينهما من التناسب والتجاوب والتآخى والتناغى ما يحقِّقُ لكُلِّ سورة وحدة بيانيّة معجزة مُدْهِشةً. بل إنَّ تسمية كلِّ قسم من هذه الأقسام باسم (سورة) - وهى تسمية توقيفية - أيضًا - تدلُّ على أنَّ كلَّ قسمٍ سُمِّيَ باسم " سورة" إنَّما يجمع آياته غرضه الرئيسيّ وتربطها علائقُ جوانِيَّةٌ وثيقةُ، فإنّّ كلمة (سورة) يمكن أن تقول هي مأخوذة مما يدل على معنى المنزلة أو الرتبة أو الإحاطة أو البقية على نحو ما ذكره أهل العلم فى اشتقاقها اللغوى. (?)

يقول أبو الحسن الحَرالّيّ (ت:637) : «السورة تمام جملة من المسموع محيط بمعنى قام بمنزلة إحاطة السور بالمدينة» (?)

ومعنى ذلك أنَّه كما أنَّ سور المدنية يحيط بجمع من البيوت فى بلد إحاطة جامعة يكون لكلِّ ما فى داخله ما يَنْسِقُه ويربطه مع غيره، ويكون كُلّ ما فيها تحت سلطانٍ بيده تصريف أمر ما فى المدينة كذلك الآيات والجمل والكلمات التى هى أجزاء السورة وعناصرها يحيط بها سور عام، ويكون لكُلٍّ ما ينسِقُه ويتواخى بينه وبين ما اجتمع فيها ويكونُ كُلُّ ما فيها تحت سلطانٍ واحدٍ ميهيمن عليه.

وإذا كانت السورة بمعنى المنزلة والمرتبة، فذلك دلالة على أنَّ ما جمعته من آيات فى محيطها المحكم يمثل منزلة ومرتبة من مراتب المعنى القرآنيّ المتصاعد، فإنَّ كل سورة من سور القرآن الكريم مترتبة على التى قبلها، فهى منزلةٌ من منازله المتصاعدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015