وَذكر أَبُو بكر الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْعرق ليلزم الْمَرْء فِي الْموقف حَتَّى يَقُول يَا رب إرسالك بِي إِلَى النَّار أَهْون عَليّ مِمَّا أجد وَهُوَ يعلم مَا فِيهَا من شدَّة الْعَذَاب

ثمَّ تفكر فِي ذَلِك الازدحام والانضمام والاتساق والالتصاق واجتماع الْإِنْس وَالْجِنّ وَمن يجمع من سَائِر أَصْنَاف الْحَيَوَان وانضغاطهم وتدافعهم واختلاطهم وَلَا فرار وَلَا انتصار وَلَا ملاذ وَلَا انتقاذ وَقربت الشَّمْس مِنْهُم قبل تكويرها وَكَانَت كمقدار ميل وَزيد فِي حرهَا وضوعف فِي وهجها وَلَا ظلّ إِلَّا ظلّ عرش رَبك بِمَا قَدمته من كسبك وَقد انضاف إِلَى حر الشَّمْس حر الأنفاس لتزاحم النَّاس واحتراق الْقُلُوب بِمَا غشيها من الكروب وَاشْتَدَّ الْفرق وَعظم القلق وسال من الْأَجْسَام الْعرق وانبعث من كل مَوضِع من الْجَسَد وانبثق وَكَانَ النَّاس فِيهِ على قدر أَعْمَالهم كَمَا تقدم

فتفكر فِي نَفسك أَيهَا الْمِسْكِين وَقد ضَاقَ نَفسك وَزَاد قلقك وسال عرقك وَجرى من جَمِيع بدنك من قرنك إِلَى قدمك وَوصل مِنْك إِلَى حَيْثُ أوصلته بعملك إِمَّا إِلَى كعبك أَو صاعدا حَتَّى إِلَى أُذُنك فَانْظُر إِلَى هَذَا الْحَال وتفكر فِي هَذَا الوبال وَسُوء هَذَا الْمَآل وَاعْلَم رَحِمك الله أَنه لَو سَالَ عرقك فِي الدُّنْيَا طول عمرك وأضعافه فِي طَاعَة رَبك وَفِي رضَا سيدك على أَن لَا تعرق فِي ذَلِك الْيَوْم لَكَانَ ذَلِك يَسِيرا ولكنت بِهِ جَدِيرًا ولكانت سلامتك مِنْهُ غنما كثيرا وفوزا كَبِيرا

وأنشدوا

قدم لنَفسك نزلا ... وارفع لرأسك ظلا

فِي يَوْم تضحى البرايا ... فِي شمسه تتقلى

فَمن جسوم تصلى ... وَمن رُؤُوس تقلى

وَلَا ملاذ هُنَاكُم ... إِلَّا سرائر تبلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015