الدين لله وحده، قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:23] .

يوضحه أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويصلون ويصومون، ويزكون ويجاهدون مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن ظاهر الشهادتين، والصلاة والصوم، والزكاة، والجهاد، دالاً على حسن اعتقادهم، بل كانوا في الدرك الأسفل من النار، تحت عبدة الأوثان والصلبان.

وأما جعلنا ظاهر ندائه دالاً على ذلك الاعتقاد، وإن نفاه عن نفسه، فلأنه لا يكون في العقل أن من دعا غير الله لا يعتقد أنه لا يرجو بدعائه طلب نفع، أو دفع ضر، أو قضاء حاجة من يدعوه، فإذا اعتقد ذلك فيمن يدعوه فلا ينفعه أن ذلك إنما يكون ببركة من يدعوه لجاهه عند الله، وأن الله هو الفاعل لذلك خلقاً وإيجاداً، مع وجود السبب الداعي إلى الشرك، المنافي للتوحيد، لأنه لا فرق بين الدعاء والنداء، فمن دعا أو نادى غير الله فقد أشرك ذلك المنادى المدعو مع الله في عبادته، لأن المشركين الأولين لم يريدوا إلا الشفاعة بجاه من يدعونه وببركته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015