والثاني: أن مجرد عدم اعتقاد التأثير، والخلق والإيجاد، والإعدام، والنفع والضر: إلا لله لا يبرئ من الشرك، فإن المشركين الذين بعث الله الرسول إليهم -أيضاً- كانوا مقرين بأن الله هو الخالق الرازق، بل لا بد فيه من إخلاص توحيده وإفراده، وإخلاص التوحيد لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله لله، والنداء والاستغاثة، والرجاء واستجلاب الخير، واستدفاع الشر له، ومنه، لا بغيره، ولا من غيره، وكذلك النذر والذبح كلها تكون لله.

والثالث: أن مجرد كون الأحياء والأموات شركاء في أنهم لا يخلقون شيئاً وليس لهم تأثير في شيء، لا يقتضي أن يكون الأحياء والأموات متساوين في جميع الأحكام، حتى يلزم من جواز التوسل بالأحياء جواز التوسل بالأموات، كيف وليس معنى التوسل بالأحياء إلا التوسل بدعائهم، وهو ثابت بالأحاديث الصحيحة، وأما التوسل بالأموات فلم يثبت بحديث صحيح ولا حسن، انتهى من كلام بعض المحقيقين.

إذا عرفت ما تقدم، فمن المعلوم أن الكفار الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلهم، واستحل دماءهم، وأموالهم، كانوا مقرين أن الله هو الخالق الرازق، المحيي المميت، النافع الضار، الذي يدبر جميع الأمور،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015