للبعث، ولكن لم لا يكون المراد القيام في الدنيا والقيام للبعث والحساب.

فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: قد تقدم ذكر الإجماع من المفسرين على أن المراد بالقيام المذكور في الآية هو القيام من القبور يوم القيامة وما خالف الإجماع فهو مطرح ومردود على قائله.

الوجه الثاني: أن يقال: إن الفتان قد أخطأ في تعبيره حيث نسب القول الذي قد أجمع عليه المفسرون إلى كثير منهم ولم يذكر أنهم قد أجمعوا عليه، وهذا من عدم الأمانة في النقل.

الوجه الثالث: أن يقال: إن الفتان قد تعرض للوعيد الشديد حيث قال في القرآن برأيه وذلك في قوله: "ولكن لم لا يكون المراد القيام في الدنيا والقيام للبعث والحساب" وكان ينبغي له أن يقتصر على ما جاء عن ابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهم- لأن كلا منهما حبر من أحبار هذه الأمة وترجمان للقرآن.

فأما ابن مسعود -رضي الله عنه- فقد روي ابن أبي حاتم عنه أنه كان يقرأ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ يَومَ القيامَةِ}.

وأما ابن عباس -رضي الله عنهما- فقد روى ابن جرير عنه أنه قرأ {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} قال: ذلك حين يبعث من قبره، وقد قال بهذا القول جمع من التابعين وتقدم ذكر ذلك عنهم. وتقدم أيضا ذكر الإجماع عليه.

وفي قراءة ابن مسعود وقول ابن عباس أبلغ رد على الفتَّان وعلى غيره من المتكلفين الذين يقولون في القرآن بآرائهم ويتأولونه على غير تأويله.

الوجه الرابع: أن يقال: لو كان القيام المذكور في الآية يراد به القيام في الدنيا كما يراد به القيام للبعث لكان أهل البنوك ومن يعاملهم بالمعاملات الربوية مجانين يخنقون أو كالمجانين الذين يتخبطهم الشيطان من المس، والواقع شاهد بسلامة أبدانهم من التعذيب بهذا في الدنيا، ولكنه مُدَّخر لهم في الدار الآخرة حين يبعثون من قبورهم عقوبة لهم وتمقيتا عند جمع المحشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015