زيادة إيضاح:

إن الأدلة كثيرة ناطقة وعديدة واضحة، وجميعها تدل على وجود الله تعالى؛ فهذا النظام البديع الذي يسير عليه الكون، وهذا الإبداع المعجز الذي وجد عليه العالم يدل على أن للكون إلها، بقدرته خلق الوجود، وبحكمته أبدع كل مخلوق، ووجود تلك الأنواع المتعددة، وكثرة تلك الخصائص المتباينة أصدق دليل على وجوده تعالى.

وقولهم إن العالم وجد بطريق الصدفة فهذا أمر لا يسلم به عاقل؛ إذ كيف تنتج الصدفة هذا النظام البديع، والمعلوم أن السمع لا يهبه لفرد إلا عالم بقانون السمع، وكذلك كل صفة من الصفات التي يسعد بها الإنسان والتي لا بدّ لوجودها من تدخل وقدرة عالمة حكيمة مدبّرة، ولا يمكن القول بأن تلك القدرة من جنس تلك الموجودات، وإلا لأمكن غيرها أن ينازعها أو يبطل عملها؛ إذ المفروض أن الجميع متساوون في كل شيء، وإن قانون التأثير والتأثر يحتم تقدم المؤثر على المتأثر، والمفروض أن كلا منهما يساوي الآخر تماما؛ فإذاً يكون الشيء على هذا موجودا ليوجد ومعدوما ليوجد، وهذا باطل، كما وأنه لا بدّ من كون تلك القوة المؤثرة مغايرة لما عداها في كل شيء في ذاتها وفي صفاتها حتى تكون قادرة على الخلق والإيجاد، ولا يصح أن تأخذ تلك الصفات عن غيرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015