الفصل الأول: موقفه من التصوف

أولا: تمهيد: الصراع بين الفقهاء والمتصوفة:

انتهينا في الفصول السابقة من بيان موقف ابن عبد الوهاب من بعض مباحث العقدية فأوضحنا موقفه من الاجتهاد والتقليد وأن الجمود والتأخر الذي أصاب العالم الإسلامي كان من جراء التقليد، ثم تناولنا بالتحليل والتطبيق منهجه في ربط العلم بالعمل، وفي الباب الثالث تناولنا عدة مسائل في الغيبيات وبيان موقفه منها والمنهج الذي سلكه في تلقي هذه الأمور مع مقارنة موقفه ببعض السابقين عليه مع التحليل والتمحيص للآراء الذي ذكرت. ونتناول في هذا الباب موقفه من التصوف ونبدأه بهذا التمهيد في الصراع بين الفقهاء والمتصوفة:

أخذت الحضارة طريقها إلى العرب وواكب ذلك علم التدوين وأعني تدونين العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وعقائد، وقد ساير الصوفية ركب هذا الموكب فدونوا علومهم وبينوا رياضاتهم والمراتب التي يتدرج فيها الصوفي، والآفات التي تعترض طريقه، واصطلحوا على ما اصطلحوا عليه من الفناء، والبقاء والصحو والسكر حتى أصبح التصوف علما من العلوم المدونة ويقول في ذلك د. التفتازاني: "فقد وضعوا لأنفسهم مصطلحا خاص ورموزا معينة لا يفهمها أحد حق الفهم إلا بالتلقي عنهم". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015