الشعور بالعور (صفحة 42)

وَقد ذكر هَذَا الْكَلَام مُخْتَصرا بِمَعْنَاهُ الْقُرْطُبِيّ فِي كِتَابه التَّذْكِرَة بأحوال الْآخِرَة وَقَول القَاضِي عِيَاض رَحمَه الله ردا على من قَالَ مَا قَالَ إِن الدَّجَّال لم يدع النُّبُوَّة فَيكون مَا مَعَه كالتصديق وَإِنَّمَا ادّعى الإلهية هَذَا لَا يَكْفِي فِي الرَّد على من ادّعى هَذِه الدَّعْوَى أَلا ترى أَنه جَاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث أَنه مَعَه ملكان يشبهان نبيين من الْأَنْبِيَاء لَو شِئْت سميتهما بأسمائهما وَأَسْمَاء آبائهما أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله فَيَقُول الدَّجَّال أَلَسْت بربكم أَلَسْت أحيي وأميت فَيَقُول أحد الْملكَيْنِ كذبت لَا يسمعهُ أحد من النَّاس إِلَّا صَاحبه فَيَقُول لَهُ صدقت فيسمعه النَّاس فيظنون أَنه صدق الدَّجَّال فَذَلِك فتنته وَقَوله للَّذي يقْتله ويقطعه قطعتين ويمر بَينهمَا ثمَّ يحييه فيستوي قَائِما قَالَ ثمَّ يَقُول لَهُ أتؤمن بِي فَيَقُول مَا ازددت فِيك إِلَّا بَصِيرَة وَفِي صَحِيح مُسلم فينتهي إِلَى بعض السباخ الَّتِي على الْمَدِينَة فَيخرج إِلَيْهِ رجل هُوَ خير النَّاس أَو من خير النَّاس فَيَقُول أشهد أَنَّك الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثه فَيَقُول الدَّجَّال أَرَأَيْتُم إِن قتلت هَذَا ثمَّ أحييته أتشكون الْأَمر فَيَقُولُونَ لَا فيقتله ثمَّ يحييه أفكل هَذَا مَا هُوَ طلب لتصديقه على دَعْوَى الربوبية وَإِذا كَانَ الَّذِي يَدعِي النُّبُوَّة مُحْتَاجا على مَا يصدقهُ فَالَّذِي يطْلب الإلهية بطرِيق أولى وَالَّذِي يرد بِهِ حجَّة هَؤُلَاءِ الزائغين عَن الْحق أَن يُقَال هَذَا حَدِيث الدَّجَّال قد ثَبت فِي الصَّحِيح وَهُوَ إِخْبَار من الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَمْر وُقُوعه مُمكن وَإِنَّمَا قُلْنَا بإمكانه لِأَنَّهُ ثَبت أَن الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم صلوَات الله عَلَيْهِ أحيى الْمَوْتَى بِإِذن الله شَهَادَة لَهُ على دَعْوَاهُ لمن يُرِيد الله لَهُ الْإِيمَان وَهَذَا الدَّجَّال يحيي الْمَيِّت وَيفْعل غَيره من الخوارق للْعَادَة بِإِذن الله إِرَادَة من الله لكفر من أَرَادَ شقاوته لِأَن الله ابتلى بِهِ عباده ليختبرهم وَكلما أخبر بِهِ الصَّادِق فَهُوَ حق وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب خُصُوصا إِذا كَانَ من هَذَا الْبَاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015