وبالإخلاص فيها ... فالفساد في ترك إظهار المشروع أعظم من الفساد في إظهاره رياء ...

الثاني: لأن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة ...

الثالث: إن تسويغ مثل هذا يفضي إلى أن أهل الشرك والفساد ينكرون على أهل الخير والدين، إذا رأوا من يظهر أمرًا مشروعًا، قالوا: هذا مراء، فيترك أهل الصدق إظهار الأمور المشروعة حذرًا من لمزهم، فيتعطل الخير ...

الرابع: إن مثل هذا من شعائر المنافقين، وهو الطعن على من يظهر الأعمال المشروعة، قال تعالى: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

وقد تمادى أصحاب هذا المسلك في هذا الانحراف، حتى وصل بهم الحد إلى قصد ذم الناس ولومهم، وسموا بـ (الملامية) وهم الذين يفعلون ما يلامون عليه، ويقولون: نحن متبعون في الباطن، أرادوا بذلك مقابلة المرائين، فردوا باطلهم بباطل آخر، وهدى الله أهل السلوك من أهل السنة والجماعة إلى التزام الصراط المستقيم فكانوا وسطًا بين المرائين والملامية.

ومما هو قريب مما سبق، ويقع فيه اللبس والاشتباه: عدم التفريق بين حب الرئاسة والولاية، وبين حب الإمارة لأجل الدعوة إلى الله تعالى، وقد أوضح ابن القيم ـ رحمه الله ـ ذلك فقال: (الفرق بين حب الرئاسة، وحب الإمارة للدعوة إلى الله هو الفرق بين تعظيم أمر الله والنصح له، وتعظيم النفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015