ولم يذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ الحكم التكليفي للوقف، يعني هل هو جائز أو حرام، أو

واجب، أو مندوب، وإنما ذكر حكمه الوضعي فقال: «ويصح».

لكن نقول: الوقف تبرع بالمال، وحبس له عن التصرف فيه، فإذا كان على جهة مشروعة كان مستحباً؛ لأنه من الصدقة، وإذا نذره الإنسان كان واجباً بالنذر، وإذا كان فيه حيف أو وقف على شيء محرم كان حراماً، وإذا كان فيه تضييق على الورثة كان مكروهاً، فيمكن أن تجري فيه الأحكام الخمسة، هذا من حيث الحكم التكليفي.

فإذا جاءنا إنسان يقول: أنا أريد أن أوقف هذه الأرض لأعمر عليها مسجداً، نقول له: هذا مستحب؛ لأنه من الإحسان والصدقة، والله ـ تعالى ـ يحب المحسنين.

قوله: «بالقول» بأن يقول: وقفت داري، أو وقفت سيارتي، أو وقفت أرضي، وما أشبه ذلك، وسيأتي أن القول ينقسم إلى قسمين.

أما الفعل فيشترط أن يكون هناك قرينة تدل على أنه وقف، فإذا وجدت قرينة تدل على أنه وقف فهو وقف ولو نوى خلافه، ولهذا قال:

وبِالفِعْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، كَمَنْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِداً وأَذِنَ للنَّاسِ في الصَّلاةِ فِيهِ أَوْ مَقْبَرَةً وَأَذِنَ فِي الدَّفْنِ فِيهَا ..

«وبالفعل الدال عليه، كمن جعل أرضه مسجداً وأذن للناس في الصلاة فيه»، يعني بنى مسجداً وقال للناس: صلوا فيه، فهنا لم يقل: إنه وقف، لكنه فعل فعلاً يدل على الوقف؛ لأن الرجل بنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015