الأولى: أن يقترن بما يدل على العموم فيعم إجماعا كقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [المائدة: 38] لأن سبب نزولها المخزومية التي قطع النبي صلى الله عليه وسلم يدها والإتيان بلفظ السارق الذكر يدل على التعميم وعلى القول بأنها نزلت في الرجل الذي سرق رداء صفوان بن أمية في المسجد فالإتيان بلفظ السارقة الأنثى دليل على التعميم أيضاً.

الثانية: أن يقترن بما يدل على التخصيص فيخص إجماعا كقوله تعالى: (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [الأحزاب: 50].

الثالثة: ألا يقترن بدليل التعميم ولا التخصيص وهي مسألة المؤلف. والحق فيها أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيعم حكم آية اللعان النازلة من عويمر العجلاني وهلال. وآية الظهار النازلة في امرأة أوس بن الصامت وآية الفدية النازلة في كعب بن عجرة. وآية: (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) [النساء: 7] النازلة في ابنتي سعد بن الربيعة. وهكذا.

(تنبيه)

فان قيل: ما الدليل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟

فالجواب: أن ذلك دل عليه الوحي واللغة أما الوحي فان هذه المسألة سئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفتى بذلك , وذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) [هود: 114] الآية. قال للنبي: ألي هذا وحدي يا رسول الله. ومعنى ذلك هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها؟ فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن العبرة بعموم لفظ: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) لا بخصوص السبب حيث قال له: (بل لأمتي كلهم) وهو نص نبوي في محل النزاع.

ومن الأحاديث الدالة على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما أيقظ علياً وأمره وفاطمة بالصلاة من الليل، وقال له على رضي الله عنه: إن أرواحنا بيد الله إن شاء بعثنا ولي صلى الله عليه وسلم يضرب فخذه ويقول: (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) [الكهف: 54]، فجعل عليا داخلاً فيها مع أن سبب نزولها الكفار الذين يجالدون في القرآن. وخطابه صلى الله عليه وسلم لواحد كخطابه للجميع كما تقدم ما لم يقم دليل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015