والمتحرك ساكناً، ونحوهما) انتهى).

ولنصطلح أننا نعرف العلم بالمعنى الأخص الذي هو قسم من أقسام التصديق وليس المقصود بالحد هنا العلم بالمعنى الأعم المنقسم إلى التصور والتصديق.

قال المرداوي في " التحبير" (1/ 228): (اعلم أن للعلم إطلاقات لغة وعرفاً. أحدها: اليقيني، وهو الذي لا يحتمل النقيض، وهو المراد بالحد الأول، وهو الأصل. الثاني: مجرد الإدراك، سواء كان جازماً، أو مع احتمال راجح، أو مرجوح، أو مساو، مجازاً، ومن هذا القبيل: قوله تعالى: (ما علمنا عليه من سوء) [يوسف: 51]، إذ المراد: نفي كل إدراك .... ) وقد سبق ذكر كلامه بتمامه.

والراجح عندي دخول المدرك بالحواس في العلم إذا كان جازما مطابقا للمدرك، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل /78) قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (4/ 475): (قال المفسرون ومقصود الآية أن الله تعالى أبان نعمه عليهم حيث أخرجهم جهالا بالأشياء وخلق لهم الآلات التي يتوصلون بها إلى العلم) , سوى الله تعالى بين السمع والبصر والفؤاد في كونها أدوات للعلم، ومن المعلوم أن الحواس قد تردك الشيء إدراكا جازما مطابقا.

قال الباجي في الحدود (ص/26): (والعلم الضروري يقع من ستة أوجه: الحواس الخمس ... وقد يقع بالخبر المتواتر، ويقع العلم الضروري ابتداءً من غير إدراك حاسة من الحواس كعلم الإنسان بصحته وسقمه وفرحه وحزنه وغير ذلك من أحواله، وعلمه بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الضدين لا يجتمعان وغير ذلك من المعاني ... ).

وعليه فإطلاق القول بعدم دخول ما تدركه الحواس في حد العلم فيه نظر لا يخفى، وعليه فالصواب دخولها إلا فيما تبين أن إدراكها له غير جازم أو غير مطابق. والله أعلم.

التعريف المختار:

مما سبق يتبين أن تعريف المختار للعلم هو التعريف الذي ذكره الإمام الرازي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015