لِلْمُخَابَرَةِ أَيْ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَهُوَ لِلثَّلَاثَةِ عَلَى مَا شَرَطُوا وَالسَّادِسُ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ الزَّرْعُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ بَذْرٌ وَأَرْضٌ وَعَمَلُ يَدٍ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَانِ أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ شَيْئَانِ دُونَ صَاحِبَيْهِ فَالزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا أَوْ اجْتَمَعَ شَيْئَانِ لِشَخْصَيْنِ مِنْهُمْ فَالزَّرْعُ لَهُمَا دُونَ الثَّالِثِ فَصُوَرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَعٌ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً وَيُجَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِحَمْلِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ

[باب صحة الوكالة]

[دَرْسٌ] (بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ وَرُكْنُهَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّسَبِ تَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ وَهُوَ الْمَحَلُّ بِقَوْلِهِ (فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ أَيْ مَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ وَقِيلَ النِّيَابَةُ أَعَمُّ لِانْفِرَادِهَا فِيمَا إذَا وَلَّى الْحَاكِمُ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ نَيَّبَ إمَامُ صَلَاةٍ بِمَكَانٍ غَيْرَهُ فِيهَا وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ قَابِلُ النِّيَابَةِ مُجْمَلًا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَقْدٍ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنِكَاحٍ وَصُلْحٍ وَقِرَاضٍ وَشِرْكَةٍ وَمُسَاقَاةٍ (وَفَسْخٍ) لِعَقْدٍ يَجُوزُ فِيهِ كَمُزَارَعَةٍ قَبْلَ بَذْرٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ وَنِكَاحٍ كَذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالْإِقَالَةُ (وَقَبْضُ حَقٍّ) لَهُ عَلَى الْغَيْرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ شَيْئَانِ دُونَ أَصْحَابِهِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمْ (قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ إلَخْ) قَدْ نَظَمَ ابْنُ غَازِيٍّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ بِقَوْلِهِ:

الزَّرْعُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِلْبَاذِرِ ... فِي فَاسِدٍ أَوْ لِسِوَى الْمُخَابِرِ

أَوْ مَنْ لَهُ حَرْفَانِ مِنْ إحْدَى الْكَلِمْ ... عَابَ وَعَاثَ ثَاعِبٌ لِمَنْ فَهِمْ

وَالْمُرَادُ بِالْمُخَابِرِ هُنَا الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْعَيْنَانِ لِلْعَمَلِ وَالْأَلِفَانِ لِلْأَرْضِ وَالْبَاءَانِ لِلْبَذْرِ وَالثَّاءَانِ لِلثِّيرَانِ فَقَوْلُهُ عَابَ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ السَّادِسِ وَعَاثَ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ وَثَاعِبٌ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا) هَذِهِ الصُّورَةُ مِمَّا يَتَخَالَفُ فِيهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ السَّادِسُ فَإِنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِلْعَامِلِ فِي هَذِهِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَتَكَافَآ عَمَلًا فَبَيْنَهُمَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك عَدَمُ صِحَّةِ جَوَابِ الشَّارِحِ

[بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ]

(قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُتَعَلِّقُهَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَحَلُّ) أَيْ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ) أُخِذَ الْحَصْرُ مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَدَأِ مُضَافًا لِلْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ وَقَدْ صَرَّحَ أَهْلُ الْمَعَانِي بِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا إذَا أُخْبِرَ عَنْهُ بِظَرْفٍ أَفَادَ الْحَصْرَ كَالْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةُ فِي قُرَيْشٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا مَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّهُمَا) أَيْ النِّيَابَةَ وَالْوَكَالَةَ وَقَوْلُهُ مُتَسَاوِيَانِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ النِّيَابَةُ أَعَمُّ) أَيْ مِنْ الْوَكَالَةِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ لَا بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا وَلَّى الْحَاكِمُ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا) أَيْ فَالْمُوَلَّى الْمَذْكُورُ نَائِبٌ عَمَّنْ وَلَّاهُ وَلَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِمُسَاوَاةِ النِّيَابَةِ لِلْوَكَالَةِ لِابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُمَا مِنْ جَعْلِهِمَا نِيَابَةَ الْإِمَامِ وَكَالَةً وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ وَأَنَّ نِيَابَةَ الْإِمَامِ غَيْرُ وَكَالَةٍ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَابَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفِعْلُ عَنْ الْغَيْرِ فَقَابِلُ النِّيَابَةِ مَا يُقْبَلُ فِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَكَالَةِ التَّوْكِيلُ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَفْهُومِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا مَحَلًّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ إذْ التَّسَاوِي فِي الْمَحَلِّ لَا يَقْتَضِي التَّرَادُفَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّهُ عَلَى التَّسَاوِي يَنْحَلُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِنَا صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ الْوَكَالَةِ أَوْ لِقَوْلِنَا صِحَّةُ النِّيَابَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَهَذَا مَعْنًى غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ هُوَ إحَالَةٌ لِلشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ بَدَلَ الصِّحَّةِ لِيَكُونَ مَفْهُومُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ صَرِيحًا فِيمَا لَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ وَمَا كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا غَيْرُهُ) أَيْ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا كَالْوَكَالَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا وَكَالْوَكَالَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْبَيْعِ الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ مِنْ عَقْدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَنْهُ عَقْدًا كَبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ إلَخْ وَفِي ح خِلَافٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَصَدَرَ بِالْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلشَّارِحِ فِي آخِرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ وَبَيْعٌ فَاسِدٌ) أَيْ مُعَرَّضٌ لِلْفَسَادِ أَيْ الْفَسْخِ كَالصَّادِرِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَوْ مِنْ سَفِيهٍ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي فَسْخِهِ وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ، وَأَمَّا الْمُتَحَتِّمُ فَسْخُهُ فَهُوَ مَفْسُوخٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِوَكِيلٍ يَفْسَخُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَسْخِ الطَّلَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَسْخِ مُطْلَقُ الْحِلِّ وَفِي شب أَنَّ الطَّلَاقَ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَيْ فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015