منها استدلالهم بقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]

فقد جزموا أن المراد من الكتاب في الآية الكريمة هو القرآن، ومعنى هذا عندهم أن القرآن مشتمل على جميع الأحكام المتعلقة بأعمال المكلفين ولو كان عند هؤلاء ذرة من عقل لبان لهم خطأ قولهم، إذ لا دليل على أن الكتاب في الآية هو "القرآن" فقج ذهب كثير من أهل العلم إلى أن المراد به اللوح المحفوظ، الذي حوى ما كان وما هو كائن وما سيكون حتى يرث الله الأرض ومن وما عليها.

وهذا التفسير لا يترتب عليهى أي حرج عند من يقول به.

أما من قال إنه القرآن فإنه يضع نفسه في مأزق خانق للأنفاس.

فماذا يقولون لمن يسألهم عن أعداد الركعات في كل فريضة من الصلوات الخمس.

وماذا يقولن لمن يسألهم أين نجد في القرآن أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة؟

وماذا يقولون لمن يسألهم أين نجد في القرآن الأموال الربوية وغير الربوية؟

وماذا يقولون لمن يسألهم أين نجد في القرآن صيغة الأذان الذي يردد خمس مرات كل يوم وليلة؟!

إن هذه الأسئلة لا نهاية لها ولن يجدوا لها جواباً في القرآن الكرم مهما تكلفوا أو تماحكوا.

وحتى من قال من غير منكري مصدرية السنة في التشريع إن المراد من الآية يحتمل أن يكون القرآن قالوا:

إن القرآن احتوى على كليات التشريع لا تفصيلاته وإنما تركت التفصيلات للسنة فوفت بها حق الوفاء وكانت السنة - بهذا الاعتبار - مصدراً للتشريع عند هؤلاء المعتدلين المؤمنين بالله ورسوله، أما منكرو مصدرية السنة في التشريع فقد قضوا على أنفسهم بالجهل والسفه، أو بالجهالة والعناد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015