الحديث النبوي ارتفع الحظر، فأذن عليه السلام برواية أحاديثه وكتابتها على النحو الذي تقدم ذكره.

ونضيف إلى ما قاله علماؤنا - رضي الله عنهم -، أن القرآن يجب حفظه وتلاوته على الصورة التي أنزله عليها لفظاً ومعنى وتراكيب، فلا يجوز فيه إبدال حرف بحرف، ولا كلمة بكلمة، ولا الإخلال بنظم تراكيبه مهما كان الأمر، وأنه متعبد يتلاوته كما نزل.

أما الحديث النبوي فيجوز عند الضرورة روايته بالمعنى دون اللفظ نطقاً لا كتابه، كما يجوز للراوي إذا نسى لفظاً، أو اشتبه عليه الأمر، أن يذكر لفظاً آخر يدل على معنى اللفظ الذي نسيه مع التنيه على ذلك. لهذا كان من الضروري كتابة القرآن، والاكتفاء في رواية الحديث بالحفظ.

ويؤيد هذا ما روى عن الضحاك من قوله:

"لا تتخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف" فأنت ترى علماؤنا أهل الحق يقرون بصحة حديث النهي الذي رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -، كما يقرون بأحاديث اإذن دون تفرقة، وقد أزالوا التعارض الحاصل بن حديث النهي وأحاديث الإذن بما قد رأيت من توجيه:

النهي كان أولاً، والإذن كان ثانياً، ولهذا نظائر في السنة، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن زيارة القبور أولا، ثم عاد فأذن فيها ثانياً للعظة بما كما نهى عن ادخار لحوم الأضاحي أولاً، ثم عاد فأذن بادخارها ثانياً. وكل هذا حدث لحكمة تزيل من النفوس الريبة. وتبعث فيها برد اليقين.

موقف منكري السنة:

أما منكرو السنة فأمرهم عجب. وهم أمام هذه المسألة فريقان.

فريق منهم يذكر حديث النهي وحده، ولا يشير من قريب أو من بعيد إلى أحاديث الإذن؟! وكأنها - عندهم - لم تكن. وهم بهذا يبرهنون على أنهم طلاب باطل لا طلاب حق، وأنهم أبعد ما يكونون عن المنهج العلمي النزيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015