و (المقصود) يخرج الكلام الموزون الذي لم يقصد به الشعر، كبعض الآيات التي جاءت على بعض الأوزان العروضية كقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] (?)، وقوله تعالى: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} [الشرح: 3، 4] (?) فإنه كلام موزون مقفى لكنه ليس بشعر لعدم القصد إلى الشعر فيه على اصطلاح الشعراء (?).

ويخرج كذلك كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - الموزون لعدم القصد إلى الشعر كذلك، وهكذا كلام غيره.

ولذلك نصَّ التهانوي (?) على ذلك فعرَّف الشعرَ بأَنَّه «الكلام الموزون المقفى الذي قصد إلى وزنه وتقفيته قصدًا أوليًا» (?)، فالمعنى عند الشاعر تابعٌ للوزن غالبًا، بِخلافِ غيره، فإِنَّ المعنى هو الأصلُ، والوزنُ يأتي عَرَضًا غَيْرَ مقصود.

وتقييدُ الشعر بأَنَّهُ يُصوِّرُ العاطفة يُخرجُ النَّظمَ الذي لا يُصوِّرُ العاطفةَ، وإِنَّما يكونُ مقصورًا على نظمِ مسائل العلومِ (?).

نشأة الشعر:

لم تكن الجاهليةُ التي سبقت الإسلام مباشرة البدايةَ الأولى لتاريخِ العرب عند كثير من الباحثين، فقد سبقتها جاهلية أو جاهليات قديمةٌ سَمَّاها الله {الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] (?)، وليس هناك تَحديدٌ لزمن تلك الجاهلية أو الجاهليات، وإِنْ كان المفسرون ذهبوا في تَحديدِ زمنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015