كتاب الحدود

وفيه سبعة أبواب

الباب الأول قتال أهل البغي

قال الربيع: قال الشافعي -رضي الله عنه-: قال الله -تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ} (?) الآية.

قال الشافعي: فذكر الله اقتتال الطائفتين، والطائفتان الممتنعتان وأمرنا بالإصلاح بينهم، فحق أن لا يقاتلوا حتى يُدعوا إلى الصلح، وأمر بقتال الباغية وهي مسماة باسم الإيمان حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت لم يكن لأحد قتالها، والفيء: الرجعة عن القتال كالهدنة أو التوبة أو غيرها، وأمر إن فاءت أن يصلح بينهما بالعدل ولم يذكر تباعة في دم ولا مال، فأشبه هذا -والله أعلم- أن تكون التباعات في الدماء والجراح وما فات من الأموال ساقطًا بينهم، وقد يحتمل أن يصلح بينهم بالحكومة إذا كانوا قد فعلوا ما فيه حكم، فيعطي بعضهم من بعض ما وجب له لقول الله -عز وجل-: "بالعدل" والعدل: أخذ الحق لبعض الناس من بعض قال: وإنما ذهبنا إلى أن القود ساقط والآية تحتمل المعنيين: لأنه:

أخبرنا مطرف بن مازن، عن معمر بن راشد، عن الزهري قال: أدركت الفتنة الأولى في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت فيها دماء وأموال، فلم يقتص فيها من دم ولا مال ولا قرحٍ أصيب بوجهة التأويل، إلا أن يوجد مال رجل بعينه فيدفع إلى صاحبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015