قال: وأخبرنا أن حفصة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- قتلت جارية لها سحرتها.

المعنى الأول من هذا الحديث طرف من حديث طويل قد أخرجه أبو داود (?): عن مسدد، عن سفيان، عن عمرو. وأنه سمع بجالة يحدث عمرو بن أوس وأبا الشعثاء قال: كنت كاتبًا لجزء بن معاوية -عم الأحنف بن قيس- إذ جاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة: اقتلوا كل ساحر وساحرة، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة. فقتلنا في يوم ثلاث سواحر، وفرقنا بين كل رجل من المجوس وحريمه في كتاب الله -تعالى- وصنع طعامًا كثيرًا فدعاهم فعرض السيف على فخذه فأكلوا ولم يزمزموا، وألقوا وقر بغل أو بغلين من الورق، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر.

قوله في الحديث: وأخبرنا، من كلام الشافعي أي: قال الشافعي: وأخبرنا أن حفصة. وسياق الكلام يوهم أنه من كلام بجالة وليس كذلك.

قال الشافعي: وأمر عمر أن يقتل السحار -والله أعلم- إن كان السحر كما وصفنا شركًا وكذلك أمر حفصة، فأما بيع عائشة الجارية التي سحرتها ولم تأمر بقتلها؛ فيشبه أن تكون لم تعرف ما السحر فباعتها؛ لأن لها بيعها عندنا وإن لم تسحرها, ولو أقرت عند عائشة أن السحر شرك ما تركت قتلها إن لم تتب، أو دفعتها إلى الإمام ليقتلها -إن شاء الله تعالى-.

قال: وحديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أحد هذه المعاني عندنا والله أعلم.

وتفصيل المذهب: أن السحر عند الشافعي له حقيقة، وقد يتغير المسحور به عن عادته ويمرض ويموت، ويفرق بين المرء وزوجه، ويجوز أن يكون السحر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015