وهب من ولده، تقول: وهبته ووهبت منه، كما تقول بعته وبعت منه.

وقوله: "ثم عاد في قيئه" أي أنه عاد فأكل قيئه، ووجه المشابهة بين الرجوع في الهبة والرجوع في القيء: أن الرجوع في أكل القيء حرام وهذا مثله حرام لا يجوز، [ويفسر] (?) ذلك ما جاء في حديث آخر "العائد في هبته كالعائد في قيئه" قال قتادة: ولا نعلم القيء إلا حرامًا فيضره بالحرمة، وإنما شبهه بالقيء ولم يشبهه بغيره من المحرمات؛ تقبيحًا لشأنه، وتقطعًا لأمره، وأن النفس كما تكره الرجوع في القيء وتأنف منه وتستقذره فهكذا ينبغي أن تنفر من الرجوع في الهبة وتكرهه؛ ولأن القيء كما أنه كان طعامًا وشرابًا حصل في جوفه لينتفع [به] (?) جسمه فأخرجه عنه بالاستقاء فيكره له رده؛ فكذلك الهبة كانت في حكمه وقبضه ينتفع بها في مصالحه، فإذا أخرجها بالعطاء فيكره له ردها وأخذها، فلهذه المناسبات الجامعة بينهما شبهه بها.

وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- عن مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان بن طريف المري، عن مروان بن الحكم، أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها" (?).

وقد رواه سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر: "من وهب هبة لوجه الله فذلك له، ومن وهب هبة يريد بها ثوابًا فإنه يرجع فيها إن لم يرض منها" (?).

وقد استدل أبو حنيفة بهذا الحديث على أنه يجوز الرجوع في هبة الأجنبي دون ذوي القربى، وحديث ابن عباس وابن عمر المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شكله، وهو أصح منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015