وأما وجوب الكفارة في غير معلوم الجنس وهو الذي لم يسم فيدل عليه ما أخرجه ابن ماجه "2127"، والترمذي "1258"، وصححه من حديث عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" ويدل على ذلك أيضا حديث ابن عباس المتقدم قريبا بلفظ: "من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين".

وأما وجوب الكفارة في النذر الذي جنسه غير واجب فقد قدمنا أن الطاعة وابتغاء وجه الله لا يختصان بالواجب بل بما فيه قربة فلا يخرج عن ذلك إلا ما ليس بقربة ولا يبتغى به وجه الله وقد قدمنا حديث ابن عباس بلفظ: "من نذر نذرا ولم يطقه فكفارته كفارة يمين"، وقد قدمنا أيضا حديث عائشة بلفظ: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين"، ويشهد لذلك ما أخرجه مسلم من حديث عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة اليمين"، وإنما احتاج المصنف أن يستثني المندوب والمباح لأجل قوله جنسه واجب وقد عرفناك أنه لا وجه للتقييد بالوجوب فلا احتياج إلى هذا الاستثناء بل الواجب الوفاء بما هو قربة وأما المباح فقد قدمنا الكلام عليه.

قوله: "ومتى تعذر أوصى على نحو الحج" الخ.

أقول: قد استدل على هذا بما أخرجه أبو داود "3307"، والنسائي "3818"،من حديث ابن عباس أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقضه عنها"، ولا دلالة له على المطلوب وهو وجوب الوصية فإنه لا وصية من أم سعد وغايته أن يقضي الولد ما علمه من نذر على والده وإن لم يوص ووهم من زعم أن هذا الحديث في الصحيحين وهما فاحشا فإنه ليس فيهما ولا في أحدهما والذي فيهما بلفظ آخر وليس في هذا اللفظ إلا في أبي داود والنسائي.

وأما وجوب الكفارة عن غيره نحو الحج والصوم كغسل الميت إذا تعذر بعد النذر فوجهه أنه إذا تعذر بلا تفريط صار غير مقدور للناذر وقد قدمنا الدليل على وجوب الكفارة بلفظ: "ومن نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين".

وأما وجوب الكفارة على من التزم ترك محظور أو واجب ثم فعله أو العكس فوجه ذلك فيما هو معصية ما قدمنا من حديث: "من نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين"، وأما ما كان واجب الفعل أو الترك فالوفاء به واجب فإن ترك أثم ويدل على وجوب الكفارة عليه حديث عقبة بن عامر عند مسلم بلفظ: "كفارة النذر كفارة اليمين"، فإن هذا الجنس من النذر مندرج تحت هذا العموم ولا يصح لتخصيصه أو تقييده ما ورد في غيره بذكر المعصية أو عدم التسمية.

قوله: "وإذا عين للصلاة والصوم والحج زمانا تعين".

أقول: هذا صحيح لأن فعله في الزمان المخصوص قد صار قيدا له لا يحصل الوفاء إلا به فلا يجزيء التقديم وأما التأخير فالظاهر أيضا أنه لا يجزيء وتلزم الكفارة لأنه قد صار غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015