كتاب الهبة

[فصل

شروطها الإيجاب والقبول أو ما في حكمه في المجلس قبل الإعراض وتلحقه الإجازة وإن تراخي وتكليف الواهب وكون الموهوب مما يصح بيعه مطلقا وإلا فلا إلا الكلب ونحوه ولحم الأضحية والحق ومصاحب مالا تصح هبته فيصح وتمييزه بما يميزه للبيع.

قوله: فصل: "وشروطها الإيجاب والقبول" الخ.

أقول: الهبة هي أن يتكرم على غيره بنصيب من ماله عن طيبة نفس فإذا وقع هذا فهي الهبة الشرعية ولا يشترط في ذلك إيجاب ولا قبول ولا مجلس بل إن قبله الموهوب له ورضي بمصيره إليه ولو بعد مدة مهما كان الواهب باقيا على ذلك العزم فهذه هبة صحيحة وليس في الشرع ما يدل على ألفاظ مخصوصة ولا على مجلس ولا على قبض ومن زعم أن في الشريعة ما يدل على شيء من ذلك فهو مطالب بالدليل وأما كونه الهبة تلحقها الإجازة فهذه الإجازة على نفس الهبة لما عرفناك غير مرة أن تصرف الفضولي لا يصح وإن أجازة المالك لما فعله هو نفس التصرف الذى اقتضى نقل الملك ما مالك إلى مالك وأما اشتراط تكليف الواهب فأمر لا بد منه لأن الهبة تصرف في المال والتصرف فيه لا يصح إلا من جائز وجائز التصرف لا يكون إلا مكلفا وأما كون الموهوب مما يصح بيعه فليس المراد إلا أن يكون مما يصح تملكه للموهوب له وأما استثناء الكلب فلا وجه له لأنه مما لا يصح تملكه فلا يصح بيعه ولا هبته ولا وجه لاستثناء لحم الأضحية لأن يصح تملكه وتمليكه كما في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال لأهل الضحايا: "كلوا وادخروا وائتجروا"، [البخاري "5569"، مسلم "28/1971"] .

وأما قوله: "والحق" فقد عرفناك فيما سبق أن الفرق بين الحقوق والأملاك وجعل كل واحد منهما مختصا بشيء مما تحت يد الثابت عليه إنما هو مجرد اصطلاح من بعض أهل الفروع وإذا عرفت ذلك هان عليك الخطب ولم تحتج إلى الاشتغال بما في ذلك من التفاريع والتفاصيل.

وأما قوله: "ومصاحب ما لا يصح هبته" فقد قدمنا أنه إذا انضم إلى جائز البيع غيره صح بيع ما يجوز بيعه وبطل بيع لا يجوز بيعه وأنه لا وجه لتعدي البطلان مما لا يصح بيعه إلا ما يصح بيعه.

وأما قوله: "وتمييزه بما للبيع" فالمعتبر بأن يكون معلوما عند الواهب والموهوب له جملة أو تفصيلا فلو وهبه شيئا مجهولا عندهما ثم فسره من بعد كانت الهبة صحيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015