ها قد قام محمد -صلى الله عليه وسلم- يحمل سطرين من القرآن.

سطران طالما بحثت عنهما أفكار البشر .. وصل من وصل وتعثر الملايين .. فهل هناك حياة دون علم دون قراءة .. دون كتابة .. دون نظافة .. دون ترك للأوثان ووحل الخرافة .. هل هناك حياة دون إقرار بأن هذا الخالق الكريم هو الإله الواحد العظيم .. ولا معبود سواه؟

كان هذا الأمر يتم بالخفاء يقوم به -صلى الله عليه وسلم- سرًا .. فالأمر جد خطير فللأصنام جيوش من الغضب مستعدة لنحر من يقترب منها ومن يعتدي عليها .. وتقديمه قربانًا لها .. وقد تناسلت في عقول القوم حتى أصبح الفرد يصنع صنمًا يتبلغ به في سفره .. ولو اضطر إلى صنعه من تمرات هي زاده الوحيد .. فإذا ما عبث الجوع في بطنه .. قام يدس هذا الإله الرخيص في جوفه لكي يطارد ذلك الجوع المحرق .. يا ترى هل علم أن جوعه قد فتك بإلهه؟ لا أدري.

إن من بلغ بهم الحمق هذه الدرجة .. يصعب انقيادهم لهذا الأمر الجديد .. فقد عبثت الأهواء في عقولهم حتى أفسدتها .. فالعلاج يجب أن يبدأ بالعقل والفكر .. وأمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودعوته الجديدة ركام هائل من العادات والطقوس والتقاليد الموروثة .. يتداعى بعضها على بعض على مر السنين .. حتى أمست أساطيل من الأوثان والكهان والناس لها عبيد ذليلة قد حنت ظهورها ركوعًا .. فمن يريد رفع الرؤوس للسماء .. فعليه بالصبر والحذر الشديدين .. ولا بد من أن يُسِرَّ دعوته ويخفي اتباعه حتى من أقرب الناس إليه إذا ما أحس بخوف منه .. فهؤلاء القوم يفني بعضهم بعضًا من أجل ناقة .. فما بالك من أجل آلهة يذبحون لها آلاف النياق ليرضوها بزعمهم .. فليكن الأمر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015