أما الرجل الآخر .. فهو ورقة بن نوفل الذي انتظر ذلك الخروج كما انتظر زيد ... وبقي ينتظر حتى نزل الوحي .. وقد كانت خديجة تتردد عليه كلما حدث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء غريب لا يعرف له تفسيرًا .. وكان ورقة يطمئنها ويأمل أن يكون نبي هذه الأمة المنتظر. فهذه الأمور:

لا تحدث إلا لنبي

تتصاعد الأحداث حول محمد -صلى الله عليه وسلم- .. وتنحت في نفسه الوجوم والاستفهام .. أصوات وأضواء .. أسرار وأقفال .. وماذا بعد؟ الناس لن تصدق .. والصمت مرير .. وليس سوى خديجة من منصت .. ربما لدى بعض الناس من تفسير .. لكن من هذا البعض؟ ربما أخطأت أقدام السؤال طريقها .. والنتيجة كلمات كالحميم: محمد مجنون.

لكن للّيل نهاية .. ولا بد أن لهذا الكهف من مخرج .. إن الله رحيم ولن يترك هذا العبد الحائر في حيرته .. وها هو الوحي يبدأ خفيفًا كهواء البحر المنعش .. يبشر بحياة جديدة لمحمد وللأرض كلها .. فكان (أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي: الرؤيا الصادقة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) (?).

ذات يوم رأى رؤيا (فشق ذلك عليه، فذكرها -صلى الله عليه وسلم- لامرأته خديجة بنت خويلد بن أسد، فعصمها الله عَزَّ وجَلَّ من التكذيب، وشرح صدرها بالتصديق، فقالت: أبشر، فإن الله عَزَّ وجَلَّ لن يصنع بك إلا خيرًا، ثم إنه خرج من عندها، ثم رجع إليها، فأخبرها، أنه رأى بطنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015