فقال - صلى الله عليه وسلم -: ويحك .. أَوَهبلت؟ أَوَجنةٌ واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس) (?) و (الفردوس ربوة الجنة وأعلاها وأوسطها، ومنها تفجر أنهار الجنة) (?).

سافر حارثة إلى الفردوس .. وعادت أمه إلى بيتها صابرة محتسبة .. لقد حول الإِسلام الحزن إلى مبعث للسعادة .. واختلطت دموع الحزن بالفرح عند المؤمنين فـ (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر وكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له) (?) ..

وعجبًا لهذا النبي ما أرحمه .. إنه يتجاوز أحزانه إلى الآخرين ليخفف عنهم .. ليحثهم على الإبحار مع شهدائهم في أنهار الجنة .. وأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا مثله .. يواسون تلك البيوت الحزينة .. كهذا البيت الذي تنوح فيه عفراء رضي الله عنها:

عفراء حزينة تنوح

عفراء حزينة على صغيريها .. عاد الرجال من القتال .. عادوا بالأسرى والجمال ولم يعودوا بالصغار .. لم يعودوا بعوف ولا بمعوذ .. ولن تراهما عفراء بعد الآن .. ولن تناديهما لقضاء حوائجها بعد اليوم .. لن تبحث عن عروس لعوف أو لأخيه ولن تسعد مع نساء المدينة بزفاف بهيج لهما .. عفراء مشتاقة إلى صغيريها .. يحترق جوفها من الحزن .. وتحمر عيناها من البكاء عليهما .. ولا يدرك وجد الأم إلا الأم .. خيمة حزن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015