كان كعب يضعر بغربة داخل مدينته لأنه لم ير فيها إلا الضعفاء والمنافقين .. وهو ليس من هؤلاء ولا من هؤلاء .. هو من أولئك الذين يكابدون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - لمجابهة الروم الذين تأهبوا للقضاء على هذه الدولة الجديدة .. لكنه التسويف الذي يورث الندم ويكدس الوظائف ويصيب الإنسان بالإحباط .. لم يكن كعب وحيدًا في معاناته ...

هلال بن أمية ومرارة بن الربيع يمران بالتجربة المريرة نفسها .. ولما تحدث الناس عنهما أمام كعب قال: مثنيًا عليهما "ذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا فيهما إسوة" (?)

ثلاثة من السابقين إلى الإسلام يبحثون عن مخرج مما هم فيه ولا سبيل .. فالنبي عليه السلام الآن في طريقه يشق السراب والعطش والقفار في قيظ محرق ولهيب مشتعل .. وإذا كان هؤلاء الثلاثة قد فقدوا الأمل باللحاق به عليه السلام فإن رجلًا رابعًا لم يتسلل اليأس إلى نفسه .. إنه الرجل الذي تصدق بالصاع وسخر منه المنافقون:

أبو خيثمة يلحق بالنبي

في قصة تفيض بحب الله ورسوله .. يتحدث عنها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فيقول:

"حتى إذا سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع أبو خيثمة ذات يوم إلى أهله في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط قد رشت كل واحدة منهما عريشها .. وقد بردت له فيها ماء وهيأت له طعامًا فلما دخل قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضح والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وماء بارد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015