فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نُصرت يا عمرو بن سالم! (?) لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعب» ولما عرض السحاب من السماء قال: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب (?).

وجاء في رواية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع وتأكد من الخبر أرسل إلى قريش فقال لهم: «أما بعد، فإنكم إن تبرؤوا من حلف بني بكر، أتُدوا خزاعة (?)، وإلا أوذنكم بحرب» فقال قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف صهر معاوية: إن بني بكر قوم مشائيم، فلا ندى ما قتلوا لنا سبد، ولا لبد (?)، ولا نبرأ من حلفهم فلم يبق على ديننا أحد غيرهم، ولكن نؤذنه بحرب (?).

وفي هذا دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفاجئ قريشًا بالحرب وإنما خيرَّهم بين هذه الخصال الثلاث فاختاروا الحرب (?).

2 - أبو سفيان يحاول تلافي حماقة قريش:

بعثت قريش أبا سفيان إلى المدينة لتمكين الصلح وإطالة أمده, وعندما وصل إلى المدينة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض حاجته، أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجبه، فاستعان بكبار الصحابة أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي حتى يتوسطوا بينه وبين رسول الله، فأبوا جميعًا، فعاد أبو سفيان إلى مكة من غير أن يحظى بأي اتفاق أو عهد (?)، ومما يذكر عند نزوله في المدينة أنه دخل على ابنته أم حبيبة أم المؤمنين، وأراد أن يجلس على فراش رسول الله طوته عنه، فقال: يا بنية, ما أدري، أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني؟! قالت: بل هذا فراش رسول الله، وأنت مشرك نجس، قال: والله لقد أصابك بعدي شر (?).

وهذا الموقف لا يستغرب من أم حبيبة، فهي ممن هاجر الهجرتين وقد قطعت صِلاتها بالجاهلية منذ أمد بعيد، إنها لم تر أباها منذ ست عشرة سنة، فلما رأته لم تر فيه الوالد الذي ينبغي أن يقدر ويحترم، وإنما رأت فيه رأس الكفر الذي وقف في وجه الإسلام وحارب رسوله تلك السنوات الطويلة (?) , وهذا ما كان يتصف به الصحابة رضي الله عنهم من تطبيق أحكام الإسلام في الولاء والبراء وإعزاز الإسلام والمسلمين. وفي مخاطبة أم حبيبة لأبيها بهذا الأسلوب -مع كونه أباها ومع مكانته العالية في قومه وعند العرب- دليلٌ على قوة إيمانها ورسوخ يقينها، لقد كان في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015