فقال: لا يوقد أحد منهم نارًا إلا قذفته فيها، فلما رجعوا إلى المدينة ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارًا فيرى عدوهم قلتهم (?) , فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على فعله.

ج- منع الجند من مطاردة أعدائهم: عندما هزم المسلمون أعداءهم طمعوا فيهم، فأرادوا مطاردتهم وتتبع فلولهم، ولكن قائد السرية منع جنده من ذلك لئلا يترتب على هذه المطاردة مفسدة أعظم منها, وهي أن يقع المسلمون في كمين. ويتجلى هذا الفقه في قول عمرو بن العاص - رضي الله عنه - للرسول صلى الله عليه وسلم: وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد (?) , فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا التصرف الحكيم الذي حقق للجيش الأمن والحماية (?).

4 - من فقه عمرو بن العاص - رضي الله عنه -:

قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29]. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا (?)، ولقد استُنبط بعض الأحكام من هذه القصة:

أ- التيمم يقوم مقام الغسل بالنسبة للجنب مع وجود الماء إذا خشي أن يؤدي استخدام الماء إلى الضرر، فلقد تيمم عمرو بن العاص لما أصبح جنبًا مع وجود الماء عنده وصلى وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.

ب- يجوز الاجتهاد في عهده صلى الله عليه وسلم: فقد اجتهد عمرو بن العاص فتيمم وصلى وقد احتلم في تلك الليلة الباردة اعتمادًا على قوله تعالى (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29] فلم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم اجتهاده بل أقره على أمرين: الأول: جواز الاجتهاد، والثاني تصحيح اجتهاده.

ج- من الأسباب المبيحة للتيمم تعذر استخدام الماء وإن وجد كالبرد الشديد.

د- تجوز إمامة المتيمم بالمتوضئ: فقد صلى عمرو بن العاص وهو متيمم إمامًا بخمسمائة صحابي قد توضأوا، وأقره الرسول على ذلك ولم ينكر عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015