فأخبرت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "اللهم حبّب إلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشدّ، وصحّحها، وبارك لنا في صاعها ومدّها، وانقل حمّاها فاجعلها بالجُحفة" (?).

وقال:"اللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم" (?).

لقد تغلب المهاجرون على المشكلات العديدة، واستقروا في الأرض الجديدة مغلبين مصالح العقيدة ومتطلبات الدعوة، بل صارت الهجرة واجبة على كل مسلم لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته بالنفس، حتى كان فتح مكة فأوقفت الهجرة. لأن سبب الهجرة ومشروعيتها نصرة الدين وخوف الفتنة من الكافرين.

والحكم يدور مع علته، ومقتضاه أن من قَدِر على عبادة الله في أي موضع اتفق لم تجب عليه الهجرة منه، وإلا وجبت. ومن ثم قال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر، فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإِقامةُ فيها أفضل من الرحلة منها لما يترجى من دخول غيره في الإِسلام (?).

وعندما دون التاريخ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتخذت مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخَّروا ذلك من ربيع الأول إلى المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم، إذ بيعة العقبة الثانية وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة. فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبتدأ التاريخ الإسلامي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015