بَاب فِي سياسة الرجل وَلَده
إِن من حق الْوَلَد على وَالِديهِ إِحْسَان تَسْمِيَته ثمَّ اخْتِيَار ظئره كي لَا تكون حمقا وَلَا ورهاء وَلَا ذَات عاهة فَإِن اللَّبن بعدِي كَمَا قيل
فَإِذا فطم الصَّبِي عَن الرَّضَاع بُدِئَ بتأديبه ورياضة أخلاقه قبل أَن تهجم عَلَيْهِ الْأَخْلَاق اللئيمة وتفاجئه الشيم الذميمة فَإِن الصَّبِي تتبادر إِلَيْهِ مساوئ الْأَخْلَاق وتنثال عَلَيْهِ الضرائب الخبيثة فَمَا تمكن مِنْهُ من ذَلِك غلب عَلَيْهِ فَلم يسْتَطع لَهُ مُفَارقَة وَلَا عَنهُ نزوعا فَيَنْبَغِي لغنم الصَّبِي أَن يجنبه مقابح الْأَخْلَاق وينكب عَنهُ معايب الْعَادَات بالترهيب وَالتَّرْغِيب والإيناس والإيحاش وبالإعراض والإقبال وبالحمد مرّة وبالتوبيخ أُخْرَى مَا كَانَ كَافِيا فَإِن احْتَاجَ إِلَى الِاسْتِعَانَة بِالْيَدِ لم يحجم عَنهُ وَليكن أول الضَّرْب قَلِيلا موجعا كَمَا أَشَارَ بِهِ الْحُكَمَاء قبل بعد الإرهاب الشَّديد وَبعد إعداد الشفعاء فَإِن الضَّرْبَة الأولى إِذا كَانَت موجعة سَاءَ ظن الصَّبِي بِمَا بعْدهَا وَاشْتَدَّ مِنْهَا خَوفه وَإِذا كَانَت الأولى خَفِيفَة غير مؤلمة حسن ظَنّه بِالْبَاقِي فَلم يحفل بِهِ