جمَاعَة الإفرنج وَأَصْحَاب المعامل مِنْهُم بل واشتروهم بأبخس الْأَثْمَان وَأعرف مِنْهُم أَكثر من مائَة ألف فِي فابريقات السكر والسبرتو والأسمنت والنور والترام، والمعامل الْأَجْنَبِيَّة نذْكر عَنْهُم بعض مَا نشاهده من أَحْوَالهم وأهوالهم وبلاياهم الَّتِي يعيشون فِيهَا أَبَد الآبدين هم وذرياتهم وَمن خلف مِنْهُم.

هَؤُلَاءِ أَجْهَل مِمَّن قبلهم بِكَثِير، وَأَكْثَرهم لَا يعْرفُونَ دينا وَلَا صَلَاة وَلَا جُمُعَة وَلَا جمَاعَة، وَلم يشموا رَائِحَة الْحُرِّيَّة الْعَرَبيَّة الإسلامية، وَلذَا تراهم يعْملُونَ فِي هَذِه المعامل أعمالا لَا تطيقها الفيلة بأبخس الأجور، أعرف مِنْهُم ألوفاً يخرجُون من بُيُوتهم فِي الشتَاء بعد نصف اللَّيْل بساعتين فَلَا يزالون فِي كرب وعناء وشقاء إِلَى غرُوب شمس الْيَوْم الثَّانِي، يعْمل أحدهم فِي الْيَوْم أَكثر من عشر ثيران، وأجرهم مَا بَين أَرْبَعَة قروش إِلَى سِتَّة قروش إِلَى عشرَة، والدون جدا من اللبَاس، وَالْعشرَة لمن بلغ من سنه الْخمسين أَو السِّتين سنة يعْمل، والأدهى أَنهم فِي أثْنَاء عَمَلهم لَا يستريحون وَلَا لحيظة وَاحِدَة. وَلَا يلبسُونَ إلاّ الخيش، وَلَا يَأْكُلُون إِلَّا الذّرة واللفت والمش والبصل والدون من الطَّعَام، وَلَقَد ألقينا مَرَّات عديدة لكلاب الإفرنج طَعَاما من عيشهم فَكَانُوا يشمونه ثمَّ يتولون.

والإفرنج قد سلطوا على هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين وحشا من جنسهم من أحقرهم وأجهلهم يسومهم سوء الْعَذَاب، ويحملهم على الْعَمَل مَا لَا يُطِيقُونَ، ويضربهم على أقفائهم ووجوههم لأدنى الْأَسْبَاب ليرضي سادته الفجرة من الإفرنج الَّذين صَار لديهم بِفِعْلِهِ هَذَا فِي أَبنَاء جنسه أعز الأحباب لَا رَاحَة لهَؤُلَاء أبدا أسبوعية وَلَا شهرية وَلَا سنوية إِلَّا أَن من كسر مِنْهُم عالجوه، ثمَّ فِي أحط الْأَعْمَال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015