وَفِي رِوَايَة " أَنه بعث مناديا يُنَادي: إِن الصَّلَاة جَامِعَة. ثمَّ صلى بهم وخطبهم ".

وَبِهَذَا نستدل على جمود وقسوة قُلُوب أهل زَمَاننَا وبالأخص الْعلمَاء، وَذَلِكَ لِأَن الشَّمْس وَالْقَمَر ينخسفان كل عَام، وَمَعَ هَذَا لَا ترى فِي الْبَلَد الْكَبِير الشاسع الْأَطْرَاف رجلَيْنِ من أهل الْعلم يفزعان فِي الْبَلَد إِلَى صَلَاة الخسوف وإحياء هَذِه السّنة المندرسة، وإماتة هَذَا المبتدع الْمُنكر الَّذِي طم وَعم، وملأ الْقُلُوب بالهم وَالْغَم، أَلا وَهُوَ صخب النَّاس ودورانهم حول الْبِلَاد يدقون الطبول، ويضربون النّحاس والصفيح، ويتغنون بِهَذَا الْكَلَام الْبَارِد الفارغ الْقَبِيح.

(يَا بَنَات الْحور ... سيبوا الْقَمَر ينور)

(يَا بَنَات الْحور سيبوا الْقَمَر ... الْقَمَر مكسوف مَا عندناش خبر)

(أَو يَا لطيف الطف بِنَا ... واحنا عبيدك كلنا)

وَمَعَ هَذَا الهذيان، وَالْجهل الفاضح، لَا ترى فَردا وَاحِدًا من أهل الْعلم يُنكر على أهل هَذِه السخرية المزرية بِنَا لَدَى الْأَجَانِب المجاورين لنا ويعرفهم ضلالهم وجهلهم بدينهم، وَيُعلمهُم الْمَشْرُوع، وينهاهم عَن هَذَا الْمُحدث الْمُنكر الْمَمْنُوع، أَو يُنكر عَلَيْهِم إِذا أَصْبحُوا فِي الْمَسْجِد أَو فِي خطْبَة الْجُمُعَة أَو بعْدهَا، بل يسكتون كَأَنَّهُمْ فِي الْجَهَالَة والضلالة والحماقة والطيش متساوون، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَهَذَا مِمَّا يعرفنا قيمَة الدّين عِنْدهم؛ ودرجة خوفهم من مَعْصِيّة رَبهم، وَمِقْدَار متابعتهم لنبيهم، أما وَالله إِنَّهُم لفي غَفلَة عَن قَول الْمَعْصُوم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " مَا من قوم يعْمل فيهم بِالْمَعَاصِي ثمَّ يقدرُونَ على أَن يُغيرُوا ثمَّ لَا يُغيرُوا إِلَّا يُوشك أَن يعمهم الله بعقاب " رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015