والمطالبة بالحقوق، وهذا يدخل ضمن سنة التدافع في الأفكار والعقائد والثقافات والمناهج وهي تسبق التدافع السياسي والعسكري فأي برنامج سياسي توسعي طموح يحتاج لعقائد وأفكار وثقافة تدفعه، فالحرف هو الذي يلد السيف، واللسان هو الذي يلد السنان، والكتب هي التي تلد الكتائب، إن موسوعة الحروب الصليبية، والتي صدر منها كتاب السلاجقة وعصر الدولة الزنكية، وصلاح الدين الأيوبي، والحملات الصليبية الرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة وهذا الكتاب، قد أجابت عن الكثير من الأسئلة المطروحة على الساحة القطرية والإقليمية والعالمية، وهذه الحقبة من تاريخ الأمة تأتي شاهداً تاريخياً مقنعاً على أن الإسلام قادر في أية لحظة تتوافر فيها النية المخلصة، والإيمان الصادق، والإلتزام المسؤول، والذكاء الواعي واستيعاب فقه السنن والنهوض وقوانين الحضارات وبناء الدول على إعادة دوره الحضاري والقيادي، واخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

هذا وقد انتهيت من هذا الكتاب ((السلطان سيف الدين قطز)) يوم الخميس من تاريخ 17 صفر 1430هـ/ الموافق 12/ 2/2009م، والفضل لله من قبل ومن بعد، وأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل ويشرح صدور العباد للإنتفاع به ويبارك فيه بمنه وكرمه وجوده قال تعالى: "ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" (فاطر، الآية: 2).

ولا يسعني في نهاية هذا الكتاب إلا أن أقف بقلب خاشع منيب أمام خالقي العظيم وإلهي الكريم معترفاً بفضله وكرمه وجوده متبرئاً من حولي وقوتي ملتجئاً إليه في كل حركاتي وسكناتي وحياتي ومماتي، فالله خالقي هو المتفضل، وربي الكريم هو المعين وإلهي العظيم هو الموفق، فلو تخلّى عني ووكلني إلى عقلي ونفسي، لتبلد مني العقل، ولغابت الذاكرة، وليبست الأصابع، ولجفت العواطف، ولتحجرت المشاعر، ولعجز القلم عن البيان، اللهم بصّرني بما يرضيك وأشرح له صدري وجنبي اللهم ما لا يرضيك وأصرفه عن قلبي وتفكيري، وأسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل عملي لوجهك خالصاً ولعبادك نافعاً وأن تثيبني على كل حرف كتبته وتجعله في ميزان حسناتي، وأن تثيب إخواني الذين أعانوني على إتمام هذا الجهد الذي لولاك ما كان له وجود ولا إنتشار بين الناس، ونرجو من كل مسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015