أنّ المراد شهادة أهل الكتاب من الذين آمنوا، وهم عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وتميم الداري. وقال الحسن ومجاهد والزجاج وسعيد بن جبير: {ومن عنده علم الكتاب} هو الله تعالى. قال الحسن: لا والله لا يعني إلا الله، والمعنى كفى بالله الذي يستحق العبادة، وبالذي لا يعلم علم ما في اللوح إلا هو شهيداً بيني وبينكم، وهذا أظهر كما استظهره البقاعي، وإن كان عطف الصفة على الموصوف خلاف الأصل إذ يقال: شهد بهذا زيد الفقيه، لا زيد والفقيه؛ لأنه جائز في الجملة، وقيل: معناه: أن علم أنّ القرآن الذي جئتكم به معجز ظاهر وبرهان باهر لما فيه من الفصاحة والبلاغة والإخبار عن الغيوب وعن الأمم الماضية فمن علمه بهذه الصفة كان شهيداً بيني وبينكم والله أعلم بمراده. وما رواه البيضاويّ تبعاً للزمخشريّ وتبعهما ابن عادل من أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الرعد أعطي من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة وبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله» حديث موضوع.

سورة إبراهيم

عليه السلام مكية

إلا قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله} (إبراهيم، 28) الآيتين، وهي اثنتان وخمسون آية وعدد كلماتها وإحدى وثلاثون كلمة، وعدد حروفها ثلاثة آلاف وأربعة وثلاثون حرفاً

{بسم الله الرحمن الرحيم} قوله تعالى:

{الر} تقدّم الكلام عليها أول يونس وهود. وقوله تعالى: {كتاب} خبر لمبتدأ محذوف، أي: هذا القرآن كتاب، أو الر، إن قلنا: إنها مبتدأ والجملة بعده صفة، ويجوز أن يرتفع بالابتداء وخبره الجملة بعده وجاز الابتداء بالنكرة؛ لأنها موصوفة تقديراً، تقديره كتاب، أي: كتاب يعني عظيماً من بين الكتب السماوية {أنزلناه إليك} يا أشرف الخلق عند الله تعالى {لتخرج الناس} ، أي: عامة قومك وغيرهم بدعائك إياهم {من الظلمات} ، أي: الكفر وأنواع الضلالة {إلى النور} ، أي: الإيمان والهدى. قال الرازي: والآية دالة على أنّ طرق الكفر والبدع كثيرة وأنّ طريق الحق ليس إلا واحداً؛ لأنه تعالى قال: {لتخرج الناس من الظلمات} وهي صيغة جمع، وعبر عن الإيمان والهدى بالنور، وهو لفظ مفرد وذلك يدل على أنّ طرق الجهل والكفر كثيرة وأنّ طريق العلم والإيمان ليس إلا واحداً.

تنبيه: القائلون بأن معرفة الله تعالى لا يمكن تحصيلها إلا من تعليم الرسول، احتجوا بهذه الآية، وذلك يدلّ على أنّ معرفة الله تعالى لا تحصل إلا من طريق التعليم. وأجيب: بأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كالمنبه وأمّا المعرفة فهي إنما تحصل من الدليل وقوله تعالى: {بإذن ربهم} متعلق بالإخراج، أي: بتوفيقه وتسهيله، ويبدل من إلى النور {إلى صراط} ، أي: طريق {العزيز} ، أي: الغالب {الحميد} ، أي: المحمود على كل حال المستحق لجميع المحامد، وفي قوله:

{الله} قراءتان، فقرأ نافع وابن عامر برفع الهاء وصلاً وابتداء على أنه مبتدأ خبره {الذي له ما في السموات وما في الأرض} ، أي: ملكااً وخلقاً، وقرأ الباقون بالجرّ على أنه بدل أو عطف بيان وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015