الأكبر وما بينهما اعتراض.

{إن إلينا} ، أي: خاصة بما لنا من العظمة {إيابهم} ، أي: رجوعهم بعد البعث.

{ثم إنّ علينا} ، أي: خاصة بما لنا من القدرة والتنزه عن نقص العيب والجور وكل نقص لا على غيرنا {حسابهم} ، أي: جزاءهم فلا نتركه أبداً، وفي هذا تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه كان يشق عليه تكذيبهم.

فإن قيل: ما معنى تقديم الظرف؟ أجيب: بأنّ معناه التشديد في الوعيد، وإنّ إيابهم إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام، وإنّ حسابهم ليس إلا عليه وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ الغاشية حاسبه الله حساباً يسيراً» حديث موضوع.

سورة الفجر

مكية

وقيل: مدنية وهي تسع وعشرون آية وقيل: ثلاثون آية ومائةوتسع وثلاثون كلمة وخمسمائة وسبعة وتسعون حرفاً

{بسم الله} الملك المعبود {الرحمن} الذي عمّ خلقه بالكرم والجود {الرحيم} الذي سدّد أهل عنايته بفضله فهو الحليم الودود.

وقوله تعالى: {والفجر} ، أي: فجر كل يوم قسم كما أقسم بالصبح في قوله تعالى: {والصبح إذا أسفر} (المدثر: 34)

{والصبح إذا تنفس} (التكوير: 18)

وقال قتادة: هو فجر أوّل يوم من المحرّم تتفجر منه السنة. وقال الضحاك: فجر ذي الحجة، وقيل: ذلك على مضاف محذوف، أي: وصلاة الفجر. وقيل: ورب الفجر وتقدّم أنّ الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته، واختلف في قوله تعالى:

{وليال عشر} فقال مجاهد وقتادة: هو عشر ذي الحجة. وقال الضحاك: هو العشر الأوّل من رمضان. وعن ابن عباس: أنه العشر الأخير من رمضان. وعن يمان بن رباب هو العشر الأوّل من المحرّم التي عاشرها يوم عاشوراء، ولصومه فضل عظيم. فإن قيل: لم ذكر الليالي من بين ما أقسم به؟ أجيب: بأنّ ذلك للتعظيم.

{والشفع} ، أي: الزوج {والوتر} ، أي: الفرد، وقيل: الشفع الخلق كلهم قال الله تعالى: {وخلقناكم أزواجاً} (النبأ: 8)

والوتر هو الله تعالى. قاله أبو سعيد الخدري. وقال مجاهد ومسروق: الشفع الخلق كله، قال الله تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين} (الذاريات: 49)

الكفر والإيمان، والهدى والضلال، والسعادة والشقاوة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والبر والبحر، والشمس والقمر، والجنّ والإنس، والوتر هو الله تعالى {قل هو الله أحد} (الإخلاص: 1)

. وقال قتادة: هما الصلوات منها شفع ومنها وتر. روى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعاً وعن ابن عباس الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب. وقال الحسين بن الفضل: الشفع درجات الجنة لأنها ثمان، والوتر دركات النار لأنها سبع دركات. سئل أبو بكر الوراق عن الشفع والوتر فقال: الشفع تضاد أوصاف المخلوقين من العز والذل، والقدرة والعجز، والقوّة والضعف، والعلم والجهل، والبصر والعمى. والوتر انفراد صفات الله سبحانه وتعالى عز بلا ذل، وقدرة بلا عجز، وقوّة بلا ضعف، وعلم بلا جهل، وحياة بلا موت. وعن عكرمة الوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر، واختاره النحاس وقال هو الذي صح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فيوم عرفة وتر لأنه تاسعها ويوم النحر شفع لأنه عاشرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015