إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى. فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس وقل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ووضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده على صدغه موضع السهم فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام ثلاثاً، فأتى الملك فقيل: له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس، فأمر بالأخدود بأفواه السكك فحدت وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها. أو قيل له: اقتحم، قال: ففعلوا حتى جاءت امرأة معها

صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال الصبي: يا أمّاه اصبري فإنك على الحق فاقتحمت» . قال البغوي: هذا حديث صحيح. وقيل: إنّ الصبي قال لها: قعي ولا تقاعسي. وقيل: ما هي إلا غميضة فصبرت. وذكر محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه أنّ رجلاً كان قد بقي على دين عيسى، فوقع على نجران فأجابوه فسار إليه ذو نواس اليهودي بجنود من حمير، وخيرهم بين النار واليهودية، فأبوا عليه فخدّ الأخاديد وأحرق اثني عشر ألفاً في الأخاديد. وقيل: سبعين ألفاً. ثم غلب أرياط على اليمن فخرج ذو نواس هارباً واقتحم البحر بفرسه فغرق. قال الكلبي: وذو نواس قتل عبد الله بن التامر رضي الله عنه.

وقال محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر أن خربة احترقت في زمن عمر فوجدوا عبد الله بن التامر واضعاً يده على ضربة في رأسه، إذا أميطت يده عنها أنبعت دماً وإذا تركت ارتدّت مكانها، وفي يده خاتم من حديد فيه: ربي الله. فبلغ ذلك عمر فكتب أن أعيدوا عليه الذي وجدتم عليه.

وعن ابن عباس قال: كان بنجران ملك من ملوك حمير يقال له يوسف ذو نواس بن شرحبيل في الفترة قبل أن يولد النبيّ صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة، وكان في بلاده غلام يقال له عبد الله بن تامر، وكان أبوه سلمه إلى معلم يعلمه السحر فكره ذلك الغلام، ولم يجد بدّاً من طاعة أبيه فجعل يختلف إلى المعلم، وكان في طريقه راهب حسن الصوت فأعجبه ذلك، وذكر قريباً من معنى حديث صهيب إلى أن قال الغلام للملك: إنك لا تقدر على قتلي إلا أن تفعل ما أقول. قال: فكيف أقتلك؟ قال: تجمع أهل مملكتك وأنت على سريرك فترميني بسهم على اسم إلهي، ففعل الملك فقتله فقال الناس: لا إله إلا إله، عبد الله بن التامر لا دين إلا دينه، فغضب الملك وأغلق باب المدينة، وأخذ أفواه السكك وأخدّ أخدوداً وملأه ناراً ثم عرضهم رجلاً رجلاً، فمن رجع عن الإسلام تركه، ومن قال: ديني دين عبد الله بن تامر ألقاه في الأخدود وأحرقه، وكان في مملكته امرأة فأسلمت فيمن أسلم ولها أولاد ثلاثة: أحدهم رضيع فقال لها الملك: ارجعي عن دينك وإلا ألقيتك وأولادك في النار فأبت، فأخذ ابنها الأكبر فألقاه في النار، ثم قال لها: ارجعي فأبت فأخذوا الصبي منها ليلقوه في النار فهمت المرأة بالرجوع فقال لها الصبي: يا أمّاه لا ترجعي عن الإسلام فإنك على الحق ولا بأس عليك فألقى الصبي في النار، وألقيت أمّه على أثره.

وعن علي أنهم حين اختلفوا في أحكام المجوس قال: هم أهل كتاب، وكانوا متمسكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلت لهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015