فتأمل قوله: لم يجاوزهن .. وتأمل قوله: لا يجاوز تراقيهم.

فلا جرم للذين يتولون مسئولية التربية من الاهتمام بهذا الأمر العظيم، فإن معظم النكبات التي أصابت الأمة الإسلامية إن لم نقل كلها كانت بسبب سوء التربية، وخطأ المنهج.

فكم في زماننا من مجاهد بلا عقيدة.

وكم من عالم بلا عمل.

وكم من عامل بلا علم.

وكم من داعية بلا تقوى.

أما مثل المجاهد قبل التوحيد فكمثل مدرس وعظ طلابه في الصلاة فرغبهم بها ورهبهم من تركها حتى إذا ما قاموا يصلون الصلاة قبل وقتها، قيل لهم لا تصلوا، قالوا: أتنهانا عن الصلاة؟ !

وإذا قيل للناس ـ في زماننا ـ وحدوا الله تعالى حق توحيده ثم جاهدوا، قالوا: أتنهانا عن الجهاد؟ !

ومثَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العالم الذي لا يعمل بعلمه بالسراج الذي يُضيء للناس ويحرق نفسه.

ومثل الذي يعمل بلا علم، كمثل الذي يحتطب ليلاً فربما رفع حطبًا فيه ثعبان يلدغه.

ورأى أحد العلماء طالبًا في سفينة، قال: فقال أين؟ قال: اطلب العلم، قال: هل عملت بما علمت؟ قال: لا، إنما أريد جمع العلم ثم أعمل به، قال: مثلك كمثل الذي يأكل حتى إذا ما وصلت اللقمة إلى فيه، ألقاها وراءه ظهره، متى يشبع؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015