كان عند الخرجي المذكور خادمة رعبوبة من أهل بلاده. فلما عزم على الفرار رأى أن يغادرها في منزله لتصون حاجته فيه. وإِنما أبى أن يستصحبها معه لأنه كان متزوجا بامرأة هي دونها في الحسن. كما جرت العادة في بلاد الإفرنج من أن الخادمة غالبا تكون فوق مخدومتها في القسامة والجمال ودونها في الدراية والمعارف. فوقع في خاطر زوجته أنه إذا نشبت فيها عوالق الفخ أولا ربما اتخذ زوجها تلك الخويدمة في فراشها وطاب عنها نفسا. وإن أول شيء تتعلمه البنت من أمها قبل زواجها هو منع الأسباب التي تبعث زوجها على الاستغناء عن شخصها أو عن ذكرها. ولذلك كان من عادة نساء الإفرنج أن يهدين إلى بعولتهن صورهن وأن كانت شنيعة ليجعلوها في قمصهم. أو خصلا من شعورهن وان تكن حمراء ليتختموا بها. ثم بدأ مشكل آخر وهو أن الخادمة إذا بقيت وحدها في الدار لم تأمن من أن يتسور عليها أحد في الليل فيقع المحذور. ويحمي التنور. ويكسر المجبور. ويمد المجزور. ويطم المحفور. ويذال المذخور. ويحرث البور. وتفك الطلاسم عن المسحور. ويفتق المشصور. ويسمد الصعبور. ويوسع الصنبور. ويبعثر المطمور. وتذلّل العبسور. ويصدع الفاثور. ويخرب القهقور. وينقر في الناقور فتتثلم شوكة الزنبور. فارتأى بعد أن رفع يديه بالابتهال إلى الله تعالى أن يضم إليها رجلا من أهل بلاده نحيفا قشعوماً اعتقاد انه لا يقدر على ارتكاب شيء من الأفعال التي جرّت هذه القوافي المتعددة. وذلك من جملة الأغلاط الفاضحة التي اشتهرت بين الناس أعني أهم في الغالب من دون مراجعة النساء والاستشهاد بقولهن إن النحيف لا يقدر على ما يقدر عليه السمين. وكان الأولى أن لا يستبدوا في ذلك. فمكث القشعوم مع الخادمة في أهنأ عيش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015