من كور الجزيرة وبمقربة من نصيبين، وبينها وبين الفرات أربعة فراسخ، وهي كلها بين الجزيرة والشام، وهي مدينة كبيرة عليها سوران، وهذا الاسم لها صادق جداً، فإن الله تعالى فجر أرضها عيوناً وأجراها ماء معيناً فتقسمت مذانب وانسابت جداول، في مروج خضر كأنها سبائك اللجين ممدودة في بساط الزبرجد، تحف بها أشجار وبساتين قد انتظمت حافتيها، وأعظم هذه العيون عينان إحداهما فوق الأخرى، فالعليا منهما نابعة تحت (?) الأرض في صم الحجارة كأنها في جوف غار كبير متسع فينبسط الماء حتى يصير كالصهريج العظيم، ثم يخرج ويسيل نهراً كأكبر ما يكون من أنهار وينتهي إلى العين الأخرى ويلتقي بمائها، وهذه العين الثانية تحت الأرض في الحجر الصلد نحو أربع قامات أو أزيد، ويتسع منبعها حتى يصير صهريجاً كبيراً ويعلو بقوة نبعه حتى يسيل على وجه الأرض، فربما يروم السابح القوي السباحة الشديد الغوص في أعماق المياه أن يصل بغوصه إلى قعره فيمجه الماء بقوة انبعاثه من منبعه، فلا يتناهى في غوصه إلا إلى مقدار نصف مسافة العين أو أقل، وماؤها أصفى من الزلال، ويصطاد فيها سمك جليل من أطيب ما يكون من السمك، وينقسم ماء هذه العين نهرين، أحدهما أخذ يميناً والآخر يساراً، فالأيمن يشق على خانقة مبنية للصوفية والغرباء بازاء العين، وهي تسمى الرباط، والأيسر يمر على جانب الخانقة وتفضي منه جداول إلى مطاهرها ومرافقها المعدة للحاجة البشرية، ثم يلتقيان أسفلها مع نهر العين الأخرى العليا، وقد بنيت على شط نهرهما المجتمع بيوت أرحاء. ومن مجتمع ماء هاتين العينين منشأ نهر الخابور.

قالوا (?) : وهذه المدينة للبداوة بها اعتناء وللحضارة عنها استغناء، لا سور يحصنها ولا دور أنيقة البناء فيها، وهي مع ذلك كاملة مرافق المدن، ولها جامعان حديث وقديم فالقديم بموضع العيون وتتفجر أمامه عين معينة، وهو من بنيان عمر بن عبد العزيز، لكنه دثر، والجامع الآخر داخل البلد وفيه مجتمع أهله.

والغالب عليها فخذ من بني ربيعة يقال لهم النمر، وبها نفر من بني تميم. وهي مدينة قديمة واسمها عين الوردة، وافتتحها عمير بن سعد الأنصاري من قبل عياض بن غنم، وأظنها التي عنى حسان بقوله:

كأن سبيئة من رأس عين (?) ... يكون مزاجها عسل وماء ومن رأس العين هذه يخرج نهر الخابور، وهي كلها من بلاد الجزيرة.

وبعين الوردة (?) كانت الوقيعة بين سليمان بن صرد وأصحابه التوابين الخارجين للطلب بدم الحسين رضي الله عنه مع أهل الشام وفيهم عبيد الله بن زياد، فقتل سليمان وأكثر أصحابه، وذلك سنة خمس وستين، وفي القصة طول.

رأس الماء (?) :

على مسيرة عشرة أيام من غانة في بلاد السودان وهناك تلقى النيل خارجاً من بلاد السودان وعليه قبائل من البربر مسلمون وبازائهم من الشط الثاني مشركو السودان.

رأس المحجمة (?) :

جبل عال في بلاد عمان، عال على ضفة البحر ويندفن في الماء فلا يعلم حيث يصل وربما تكسرت المراكب عليه، وفي رأس المحجمة مغايص اللؤلؤ.

رأس قنديلة:

هو أنف جبل خارج في البحر، بحر فاران، يتصادم فيه ريحان: ريح تأتي من بحر أيلة، وريح تأتي من بحر القلزم فتلتقي فيه أمواج متضادة ويعظم الخطب هناك فتنشب السفن هناك، وتنتظر الريح المساعدة فإن خالفت الريح السفينة بعد خروجها عن المرسى هلكت إن لم يمكنها الرجوع.

رادس (?) :

مرسى رادس هو مرسى بحر تونس، وهذا الاسم إما للمرسى أو للقرية المطلة عليه. وفي بعض الأخبار أن الروم أغاروا على مرسى رادس فقتلوا من بها وسبوا وغنموا وذلك في عهد حسان بن النعمان الذي كان عبد الملك بن مروان أغزاه إفريقية، فوصل إليها وحارب الكاهنة التي كانت بأوراس حتى قتلها وخرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015