- كمحاضراته في السيرة النبوية المعروفة ب (خطبات مداراس (?) ) و (سيرة عائشة) و (أرض القرآن) و (العرب والهند) و (خيّام) وغيرها من آثار قلمه التي تفاخر بها اللغة الأردية. وقد بلغ في المواضيع المختلفة من التحقيق والإجادة ما لم يبلغه أحد من معاصريه في هذه البلاد، وأضرب مثلا لذلك مصنفه الشهير في جغرافية القرآن التاريخية المسمّى (أرض القرآن) فقد تناول فيه بالبحث والتحقيق جميع البلاد والأمم المذكورة في الكتاب العزيز، وأحاط بتاريخهم، وجغرافية أماكنهم التي كانوا يقطنونها. صنفه منذ أربعين سنة، والموضوع بكر لم تطمثه أقلام الباحثين، وقد نقل هذا الكتاب النافع- مثل بعض مؤلفاته الآخرى- إلى اللغة الإنكليزية، وكذلك كتابه عن الشاعر الشهير الخيام، يعدّ من أحسن ما ألف في هذا الباب على كثرة ما ألف في الموضوع ببلاد الغرب، وقد شهد بذلك بعض كبار رجال الهند المطلعين على مصنفات الغرب في هذا الموضوع.

وبالنظر إلى هذه المؤلفات القيامة يمكن أن يصدر الحكم بأنّ شخصا واحدا في بعض الظروف ينجز من الأعمال العلمية الهائلة ما لا تستطيع الأكاديميات الكبيرة إنجازه، وقد كتب شاعر الإسلام العلامة محمد إقبال، الذي كان بدوره عالما كبيرا بالفلسفة والعلوم الشرقية، في رسالة له: (إنّ سيد سليمان الندوي يفجّر من الصخرة ينبوعا من العلم، ويمتلك ناصية العلوم الإسلامية) .

كان من مزايا شخصية العلّامة سيد سليمان الندوي: الجامعية، والشمول في المعرفة والبحث، فقد كان خبيرا بالعلوم القديمة والعصرية، وكان مؤرخا، وأديبا، وناقدا، ومحققا، وبجانب ذلك كان فقيها ومحدثا في آن واحد، وبالإضافة إلى هذا الاشتغال والشغف بالبحث العلمي كان من كبار القادة لحركة تحرير البلاد والانتفاضة السياسية للمسلمين، فكان يرأس اجتماعات وحفلات أدبية ولغوية، ويرأس مجالس فقهية، ودينية تضمّ العلماء، وكان أحد أعضاء وفد حركة الخلافة الذي توجه إلى إنكلترا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015