ونعظمهم بلا استثناء، مع علمنا بأنّهم متفاضلون* تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [البقرة: 253] ، وأنّ الدوام والبقاء لم يتح إلا لسيرة آخر المرسلين وخاتم النبيين محمد صلّى الله عليه وسلم، أمّا غيره من الأنبياء فلم تختم النبوة بأحد منهم، ولم تكن سيرتهم خالدة، بل ولا محفوظة، وقد أرسلوا إلى أممهم خاصّة، وإلى زمن خاصّ بأجل مسمّى، فكانت حياتهم أسوة للذين أرسلوا إليهم في عهدهم، ثم نسيت تلك السيرة، وامّحت بكرّ الليالي ومرور الأيام، وقد جاء في رواية إسلامية أنّ الله أرسل من الأنبياء عشرين ألفا ومئة ألف.

إنّه ما من بلاد، ولا أمّة قبل مبعث محمد صلّى الله عليه وسلم إلا جاء فيهم نبيّ، وإذا كان عدد الأنبياء على ما في تلك الرواية الإسلامية عشرين ألفا ومئة ألف؛ فكم نبيا منهم نعرف أسماءهم؛ هل نعرف من سيرتهم كثيرا أو قليلا؟!

سيرة متبوعي الهنادك ليست تاريخيّة:

إنّ من أقدم الأمم عهدا هنادك الهند كما يدّعون، وهم ليسوا بمسلمين، وفي تاريخهم مئات من العظماء والنابهين، فهل يؤيد التاريخ سيرة أحد منهم؟ إن التاريخ لا يستطيع ذلك، وكثير منهم لا يعرف الناس من شؤون حياتهم وحقائق أحوالهم إلا أسماءهم، وهم لا يحظون في كتب التاريخ بمكانة، وإنّما تعدّ سيرتهم من علم الأساطير، وخرافات الوثنية.

ومن أحظاهم تاريخا، وأحسنهم سمعة رجال «مهابهارتا وراماينا» (?) وأبطالها، ومع ذلك فإنّ سيرة أولئك الرجال لا تعدّ من التاريخ، بل لا يعرف التاريخ زمانهم، فضلا عن أن تتعيّن في الزّمان قرونهم، أو تعرف من قرونهم سنوات حياتهم.

لقد درس بعض علماء أوربا تاريخ الهند القديم درسا متواليا، وقاسوا له أقيسة، وذهبوا في ذلك شوطا بعيدا، فصاروا يعيّنون عهد عظاماء الهنادك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015